قوله: ﴿يَوْمَ ظَعْنِكُمْ﴾ قرأ نافعٌ وابن كثير وأبو عمرو بفتح العين؛ والباقون بإسكانها، وهما لغتان بمعنىً كالنَّهْر والنَّهَر. وزعم بعضُهم أن الأصلَ الفتحُ، والسكونُ تخفيفٌ لأجلِ حرفِ الحلق كالشَّعْر في الشعَر.
قوله: ﴿أَثَاثاً﴾ فيه وجهان، أحدهما: أنه منصوبٌ هطفاً على "بُيوتاً"، أي" وَجَعَلَ لكم من أصوافِها أثاثاً، وعلى هذا فيكونُ قد عطف مجروراً على مجرور ومنصوباً على منصوبٍ، ولا فَضْلض هنا بين حرفِ العطفِ والمعطوف حينئذٍ. وقال أبو البقاء: "وقد فُصِلَ بينه وبين حرفِ العطفِ بالجارِّ والمجرور وهو قولُه ﴿وَمِنْ أَصْوَافِهَا﴾، وهو ليس بفصلٍ مستقبَحٍ كما زعم في "الإيضاح"؛ لأنَّ الجارّض والمجرورَ مفعول، وتقديمُ / مفعولٍ على مفعولٍ قياسٌ". وفيه نظرٌ؛ لِما عَرَفْتَ من أنه عَطْفُ مجرورٍ على مثلِه ومنصوبٍ على مثله.
والثاني: أنه منصوبٌ على الحالِ، ويكون قد عَطَفَ مجروراً على مثلِه، تقديرُه: وجَعَل لكم مِنْ جلودِ الأنعام ومِنْ أصوافِها وأوبارِها وأشعارِها بيوتاً حالَ كونِها أثاثاً، فَفَصَل بالمفعول بين المتعاطفين. وليس المعنى على هذا، إنما هو على الأول.
وقوله: ﴿كَلَمْحِ الْبَصَرِ﴾ اللَّمْحُ مصدرُ لَمَحَ يَلْمَح لَمْحاً ولَمَحاناً، أي: أَبْصَرَ بسرعة. وقيل: أصلُه من لَمْحِ البرق، وقولهم "لأُرِيَنَّك لَمْحاً باصراً"، أي: أمراً واضحاً.
وقوله: ﴿فِي جَوِّ السَّمَآءِ﴾ الجَوُّ: الهواء، وهو ما بين السماءِ والأرض. قال:
٣٠٠٩- فلستَ لإنْسيٍّ ولكن لِمَلأَكٍ * تَنَزَّلَ مِنْ جَوِّ السماء يَصُوبُ
وقيل: الجَوُّ ما يلي الأرضَ في سَمْتِ العُلُوِّ، واللُّوح والسُّكاك أبعدُ منه.
وقوله: "ظَعْنِكم" مصدرُ ظَعَن، أي: ارْتَحَلَ، والظَّعِيْنَةُ الهَوْدَجُ فيه المرأةُ، وإلا فهو مَحْمَلٌ، ثم كَثُر حتى قيل للمرأة، ظَعينة.
(٩/٢٨٧)
---