قوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ نَبْعَثُ﴾: فيه أوجهٌ، أحدُها: أنه منصوبٌ بإضمارِ اذكر. الثاني: بإضمارِ "خَوِّفْهم". الثالث: تقديره: ويوم نَبْعثُُ وقعوا في أمرٍ عظيم. الرابع: أنه معطوفٌ على ظرفٍ محذوف، أي: ينكرونها اليومَ ويوم نَبْعَثُ.
قوله: ﴿ثُمَّ لاَ يُؤْذَنُ﴾ قال الزمخشري: "فإن قلتَ: ما معنى "ثم" هذه؟ قلت: معناه أنهم يُمَنَّوْن بعد شهادةِ الأنبياءِ بما هو أَطَمُّ منه، وهو أنهم يُمْنَعُون الكلام، فلا يُؤْذَنُ لهم في الكلامِ، كما قاله الزمخشري، أو: في الرجوع إلى الدنيا.
قوله: ﴿وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ﴾ أي: لا تُزال عُتْباهم، وهي ما يُعْتَبُون عليها ويُلامون. يقال: اسْتَعْتَبْتُ فلاناً بمعنى أَعْتَبْتُه، أي: أزلت عُتْباه، واستفعل بمعنى أَفْعل غيرُ مُسْتَنْكَرٍ. قالوا: اسْتَدْنَيْتُ فلاناً، وأَدْنَيْتُه، بمعنىً واحد. وقيل: السين على بابها من الطلب، ومعناه: أنهم لا يُسْأَلون أن يَرْجِعُوا عَمَّا كانوا عليه في الدنيا، فهذا استعتابٌ معناه طَلَبَ عُتْباهم. وقال الزمخشري: "ولا هم يُسْتَرْضَوْن أي: لا يُقال لهم: أَرْضُوا ربَّكم؛ لأن الآخرىَ ليست بدارِ عملٍ". وسيأتي لهذا مزيدُ بيانٍ إن شاء الله في سورة حم السجدة؛ لأنه أَلْيَقُ به لاختلافِ القرَّاء فيه.
* ﴿ وَإِذَا رَأى الَّذِينَ ظَلَمُواْ الْعَذَابَ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ ﴾
قوله تعالى:﴿فَلاَ يُخَفَّفُ﴾: هذه الفاءُ وما في حيِّزِها جوابُ "إذا" ولا بُدَّ من إضمارِ مبتدأ قبلَ هذه الفاءِ، أي: فهو لا يُخَفَّفُ، لأنَّ جوابَ "إذا" متى كان مضارعاً لم يَحْتَجْ إلى فاءٍ سواءً كان موجَباً كقولِه تعالى: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ﴾ أم منفيَّاً نحو: "إذا جاء زيدٌ لا يكرُمك".
* ﴿ وَأَلْقَوْاْ إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ ﴾
(٩/٢٩٠)
---