والرؤيةُ هنا بَصَريةٌ. وقيل: قلبية وإليه نحا ابن عطية، فإنه قال: "ويُحْتمل أَنْ يريد: لِنُرِيَ محمداً للناس آيةً، أي: يكون النبي ﷺ آيةً في أَنْ يصنعَ اللهُ ببشرٍ هذا الصنعَ" فتكونُ الرؤيةُ قلبيةً على هذا.
* ﴿ وَآتَيْنَآ مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلاً ﴾
قوله تعالى: ﴿وَآتَيْنَآ﴾: فيه ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: أن تُعْطَفَ هذه الجملةُ على الجملةِ السابقة من/ تنزيهِ الربِّ تبارك وتعالى ولا يَلْزَمُ في عَطْفِ الجملِ مشاركةٌ في خبرٍ ولا غيرِه. الثاني: قال العسكري: إنه معطوف على "أسرى". واستبعده الشيخُ. ووجهُ الاستبعادِ: أن المعطوفَ على الصلةِ صلةٌ، فيؤدِّي التقديرُ إلى ضرورةِ التركيبِ، أَسْرَيْنا بعبدِنا، وأًرَيْناه آياتِنا وآتَيْنا، وهو قريبٌ مِنْ تفسيرِ المعنى لا الإعراب.
قوله: "وجَعْلَناه" يجوز أن يعودَ ضميرُ النصبِ للكتاب، وهو الظاهرُ، وأَنْ يعودَ لموسى عليه السلام.
قوله: ﴿لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ يجوز تعلُّقُه بنفس "هدى" كقوله: ﴿يَهْدِي لِلْحَقِّ﴾ وأَنْ يتعلَّقَ بالجَعْل، أي: جعلناه لأجلِهم، وأن يتعلَّقَ بمحذوفٍ نعتاً لـ "هُدى".
قوله: ﴿أَلاَّ تَتَّخِذُواْ﴾ يجوز أَنْ تكون "أَنْ" ناصبةً على حَذْفِ حرفِ العلة، أي: لئلا تتَّخذوا. وقيل: "لا" مزيدةٌ، والتقدير: كراهةَ أَنْ تتخذوا، وأنْ تكونَ المفسرةَ و "لا" ناهيةٌ، فالفعلُ منصوبٌ على الأول مجزومٌ على الثاني، وأَنْ تكونَ مزيدةً عند بعضِهم، والجملةُ التي بعدها معمولةٌ لقولٍ مضمر، أي: مقولاً لهم: لا تتخذوا، أو قلنا لهم: لا تتخذوا، وهذا ظاهرٌ في قراءةِ الخطاب. وهذا مردودٌ بأنه ليس من مواضعِ زيادةِ "أَنْ".
وقرأ أبو عمروٍ ﴿أَنْ لا يتَّخذوا﴾ بياء الغَيْبة جَرْياً على قوله ﴿لبني إسرائيل﴾ والباقون بالخطاب التفاتاً.
(٩/٣١٥)
---


الصفحة التالية
Icon