وَرَدَّ عليه الشيخ هذا الإطلاقَ وقال: "ينبغي التفصيلُ، وهو إن كان بدلَ بعضٍ أو اشتمالٍ جاز، وإن كان كلاًّ مِنْ كل، وأفاد الإحاطةَ نحو "جئتُمْ كبيرُكم وصغيركم" جَوَّزه الأخفش والكوفيون. قال: "وهو الصحيحُ". قلت: وتمثيلُ ابنِ عطيةَ بقولِه "ضَرَبْتُكَ زيداً" قد يَدْفع عنه هذا الردَّ.
وقال مكي: "ويجوزالرفعُ في الكلامِ على قراءةِ مَنْ قرأ بالياء على البدلِ من المضمرِ في "يتَّخذوا" ولا يَحْسُنُ ذلك في قراءة التاء؛ لأنَّ المخاطبَ لا يُبْدَلُ مه الغائبُ، ويجوز الخفضُ على البدل من بني إسرائيل". قلت: أمَّا الرفعُ فقد تقدَّم أنه قرئ به وكأنه ام يَطَّلِعْ عليه، وأمَّا الجرُّ فلم يُقْرَأْ به فيما عَلِمْتُ ويَرشد عليه في قوله "لأنَّ المخاطب لا يُبْدَلُ منه الغائبُ" ما وَرَدَ على ابن عطية، بل أَوْلَى لأنه لم يذكر مثالاً يبيِّن مرادَه كما فعل ابنُ عطية/.
قوله تعالى: ﴿مَنْ حَمَلْنَا﴾: يجوز أن تكونَ موصولةً أو موصوفةً.
* ﴿ وَقَضَيْنَآ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً ﴾
قوله: ﴿وَقَضَيْنَآ﴾ "قَضَى" يتعدَّى بنفسِه: ﴿فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً﴾ ﴿فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ﴾ وإنما تَعَدَّى هنا بـ "إلى" لتضمُّنه معنى: أَنْفَذْنَا وأَوْحَيْنا، أي: وأَنْفَذْنا إليهم بالقضاءِ المحتومِ. ومتعلِّقُ القضاءِ محذوفٌ، أي: بفسادِهم. وقوله: "لَتُفْسِدُنَّ" جوابُ قسمٍ محذوفٍ تقديرُه: والله لتفسِدَنَّ، وهذا القسمُ مؤكدٌ لمتعلَّق القضاء. ويجوز أن يكونَ "لَتُفْسِدَنَّ" جواباً لقوله: "وقَضَيْنا" لأنه ضُمِّن معنى القسمِ، ومنه قولُهم: "قضاء الله لأفعلنَّ" فيُجْرُون القضاء والنَّذْرَ مُجْرى القسم فَيُتَلَقَّيان بما يُتَلَقَّى به القسمُ.
(٩/٣١٧)
---


الصفحة التالية
Icon