والعامَّةُ على توحيد "الكتاب" مُراداً به الجسنُ. وابنُ جبير وأبو العالية " في الكُتُب" على الجمع، جاؤوا به نَصَّاً في الجمع.
وقرأ العامَّةُ بضمِّ التاءِ وكسر السينِ مضارعَ "أفسدَ"، ومفعولُه محذوفٌ تقديره: لَتُفْسِدُنَّ الأديانَ. ويجوزُ أْنْ لا يُقَدَّر مفعولٌ، أي: لتُوقِعُنَّ الفساد. وقرأ ابنُ عباسٍ ونصرُ بن علي وجابر بن زيد "لَتُفْسَدُن" ببنائه للمفعولِ، أي: لَيُفْسِدَنَّكم غيرُكم: إمَّا من الإضلال أو من الغلبة. وقرأ عيسى بن عمر بفتحِ التاء وضمِّ السين، أي: فَسَدْتُم بأنفسِكم.
قوله "مَرَّتَيْنِ" منصوبٌ على المصدر، والعاملُ فيه "لتُفْسِدُنَّ" لأنَّ التقديرَ: مرتين من الفساد.
قوله: "عُلُوَّاً" العامَّة على ضمِّ العين مصدرَ علا يَعْلُو. وقرأ زيد بن عليٍّ "عِلِيَّاً" بكسرِهما والياءُ، والأصلُ الواو، وإنما اعتلَّ على اللغة القليلة؛ وذلك أن فُعُولاً المصدرَ الأكثرُ فيه التصحيحُ نحو: عَتا عُتُوَّاً، والإعلالُ قليلٌ نحو ﴿أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَانِ عِتِيّاً﴾ على أحدِ الوجهين كما سيأتي، وإنْ كان جمعاً فالكثيرُ الإعلالُ. نحو: "جِثِيَّاً" وشَذَّ: بَهْوٌ وبُهُوُّ، ونَجْوٌ ونَجَوٌّ، وقاسه الفراء.
* ﴿ فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَآ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً ﴾
قوله تعالى: ﴿وَعْد﴾: أي: مَوْْعُود، فهو مصدرٌ واقعق موقعَ مفعول، وتركه الزمخشري على حالِه، لكن بحذف مضاف، أي: وَعءدُ عقابِ أُوْلاهما. وقيل: الوَعْدُ بمعنى الوعيد. وقيل: بمعنى المَوْعِد الذي يُراد به الوقتَ. فهذه أربعةُ أوجهٍ. والضميرُ عائدٌ على المرتين.
قوله: "عِباداً" العامَّةُ على "عِباد" بزنة فِعال، وزيدُ بن علي والحسنُ "عبيداً" على فَعِيْل، وقد تقدَّم الكلامُ على ذلك.
(٩/٣١٨)
---


الصفحة التالية
Icon