قوله: "فجاسُوا" عطفٌ على "بَعَثْنا"، أي: تَرَتَّب على بعثنا إياهم هذا. والجَوْسُ والجُوْس بفتحِ الجيمِ وضمِّها مصدرَ جاسَ يَجُوسُ، أي: فَتَّشَ ونقَّبَ، قاله أبو عبيد. وقال الفراء: "قَتَلُوا" قال حسان:
٣٠٢٦- ومِنَّا الذي لاقى بسيفِ محمدٍ * فجاسَ به الأعداءُ عَرْضَ العساكرِ
وقال أبو زيد: "الجُوسُ والجَوْسُ والحَوْسُ طَلَبُ الطَّوْف بالليل". وقارب قطرب: "جاسُوا: نزلوا". وأنشد:
٣٠٢٧- فَجُسْنا ديارَهُمُ عَنْوَةً * وأُبْنا بساداتِهم مُوْثَقِيْنا
وقيل: "جاسوا بمعنى داسوا"، وأنشد:
٣٠٢٨- إليك جُسْنا الفِيلَ بالمَطِيِّ
وقيل: الجَوْسُ: التردُّد. وقيل: الشيءِ باستقصاء. ويقال: "حاسُوا" بالحاءِ المهملة، وبها قرأ طلحة وأبو السَِّمَّال، وقرئ "فَجَوَّسُوا" بالجيم بزنة نُكِّسُوا.
قوله: "خلالَ" العامَّةُ على "خِلال" وهو محتملٌ لوجهين، أحدهما: أنه جمعُ خَلَل كجِبال في جَبَل، وجِمال في جَمَل. والثاني: أنه اسمٌٌ مفردٌ بمعنى وَسْط، ويدلُّ له قراءةُ الحسن "خَلَلَ الدِّيار". وقوله: "وكان وَعْداً"، أي: وكان الجَوْسُ، أو وكان وَعْدُ أُوْلاهما، أو وكان وَعْدُ عقابِهم.
* ﴿ ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً ﴾
قوله تعالى: ﴿الْكَرَّةَ﴾: مفعولُ "رَدَدْنا" وهي في الأصلِ مصدرُ كَرَّ يَكُرُّ، أي: رَجَعَ، ثم يُعَبَّر بها عن الدَّوْلَةِ والقَهْرِ.
قوله "عليهم" يجوز تعلُّقع بـ "رَدَدْنا"، أو بنفس/ الكَرَّة، لأنه يُقال: كَرَّ عليه فتتعدَّى بـ "على" ويجوز أن تتعلَّقَ بمحذوفٍ على أنها حالٌ من "الكَرَّة".
(٩/٣١٩)
---