قوله: "نَفيراً" منصوبٌ على التمييز، وفيه أوجهٌ، أحدها: أَنَّه فَعِيْل بمعنى فاعِل، أي: أكثر نافراً، أي: مَنْ يَنْفِرُ معكم. الثاني: أنه جمع نَفْرٍ نحو: عَبْد وعَبيد، قاله الزجاج، وهم الجماعة الصَّائِرون إلى الأعداء. الثالث: أنه مصدرٌ، أي: أكثرُ خروجاً إلى الغَزْو. قال الشاعر:
٣٠٢٩- فَأَكْرِمْ بقَحْطانَ مِنْ والدٍ * وحِمْيَرَ أكرِمْ بقومٍ نَفيرا
والمفضَّلُ عليه محذوفٌ، فقدَّره بعضُهم: أكثر نفيراً من أعدئكم، وقدَّره الزمخشري: أكثر نفيراً مِمَّا كنتم.
* ﴿ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوءُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً ﴾
قوله تعالى: ﴿فَلَهَا﴾: في اللامِ أوجهٌ: أحدُها: أنها بمعنى "على"، أي فعليها كقوله:
٣٠٣٠-...................... * فَخَرَّ صريعاً لليدينِ وللفمِ
أي: على اليدين. والثاني: أنها بمعنى إلى. قال الطبري: "أي/ فإليها تَرْجِعُ الإساءةُ". الثالث: أنها على بابها، وإنما أتى بها دونه "على" للمقابلة في قوله: "لأنفسِكم" فأتى بها ازْدِواجاً. وهذه اللامُ يجوز أن تتعلَّقَ بفعلٍ مقدرٍ كما تقدَّم في قولِ الطبريِّ، وإمَّا بمحذوفٍ على أنها خبرٌ لمبتدأ محذوفٍ تقديرُه: فلها الإساءةُ لا لغيرِها.
قوله: ﴿فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ الآخِرَةِ﴾، أي: المرة الآخرة فَحُذِفَت "المرَّة" للدَّلالة عليها، وجوابُ الشرطِ محذوفٌ تقديرُه: بَعَثْناهم.
(٩/٣٢٠)
---