قال الشيخ: "فلا يكونُ إذ ذاك داخلاً تحت البشارةِ". قلتُ: قولُ الزمخشريِّ يَحْتمل أمرين، أحدُهما: أن يكونَ قولُه "ويُحتمل أن يكونَ المرادُ: ويُخْبِرُ بأنَّ" أنه من باب الحذف، أي: حَذَف "ويُخْبِرُ" وأبقى معموله، وعلى هذا فيكون "أنَّ الذين" غيرَ داخلٍ في حَيِّز البِشارة بلا شك، ويحتمل أن يكونَ قصدَه: أنه أُريد بالبِشارة مجَّدُ الإخبار سواءً كان بخيرٍ أو بِشَرّ، وهل هو فيهما حقيقةٌ أو في أحدِهما، وحينئذٍ يكون جمعاً بين الحقيقةِ والمجاز، أو استعمالاً للمشترك في معنييه، وفي المسألتين خلافٌ مشهور، وعلى هذا فيكون قولُه ﴿وأَنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾ غيرَ داخلٍ في حَيِّز البِشارة، إلا أنَّ الظاهرَ مِنْ حالِ الزمخشري أنه لا يُجيز الجمعَ بين الحقيقةِ والمجازِ ولا استعمالَ المشتركِ في مَعْنَيَيْه.
* ﴿ وَيَدْعُ الإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَآءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنْسَانُ عَجُولاً ﴾
قوله تعالى: ﴿وَيَدْعُ الإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَآءَهُ بِالْخَيْرِ﴾: في الباءين ثلاثةُ أوجه، أحدُها: أنهما متعلِّقان بالدعاءِ على بابهما نحو: "دَعَوْتُ بكذا" والمعنى: أنَّ الإنسانَ في حالِ ضَجَرِه قد يَدْعُو بالشرِّ ويُلِحُّ فيه، كما يَدْعُو ويُلِحُّ فيه.
والثاني: أنهما بمعنى "في" بمعنى أنَّ الإنسانَ إذا أصابه ضرٌّ دعا وألَحَّ في الدعاءِ واستعجل الفرجَ، مثلَ الدعاءِ الذي كان يحبُّ أَنْ يدعوَه في حالة الخير، وعلى هذا فالمَدْعُوُّ به ليس الشرَّ ولا الخيرَ. وهو بعيدٌ. الثالث: أن تكونض للسببِ، ذكره أبو البقاء، والمعنى لا يُساعده، والمصدرُ مضافٌ لفاعِلِه.
* ﴿ وَجَعَلْنَا الْلَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَآ آيَةَ الْلَّيْلِ وَجَعَلْنَآ آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً ﴾


الصفحة التالية
Icon