وقرأ عليُّ بن الحسين وقتادةُ "مَبْصَرة" بفتح الميم والصاد، وهو مصدرٌ أقيم مُقام الاسمِ، وكَثُر هذا في صفاتِ الأمكنةِ نحو: "مَذْأَبَة".
قوله: ﴿وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ﴾ فيه وجهان، أحدهما: أنَّه منصوبٌ على الاشتغال، ورُجِّح نصبُه لتقدُّمِ جملةٍ فعلية. وكذلك ﴿وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ﴾ والثاني: -وهو بعيد- أنه منصوبٌ نَسَقاً على "الحِسابِ"، أي: لتعلموا كلَّ شيءٍ أيضاً، ويكون "فَصَّلْناه" على هذا صفةً.
وقرئ "في عُنْقِه" وهو تخفيفٌ شائعٌ.
* ﴿ وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً ﴾
قوله تعالى: ﴿وَنُخْرِجُ﴾: العامَّةُ على "نُخْرِجُ" بنونِ العظمة مضارع "اَخْرَجَ"، و "كتاباً" فيه وجهان، أحدهما: أنه مفعولٌ به والثاني: أنه منصوبٌ على الحالِ من المفعول المحذوف، إذ التقديرُ: ونُخْرِجُه إليه كتاباً، ونُخْرِجُ الطائرَ.
ورُوِي عن أبي جعفر: "يُخْرَجُ" مبنيَّاً للمفعول، "كتاباً" نصبٌ على الحال، والقائمُ مَقامَ الفاعلِ ضميرُ الطائرِ، وعنه أنَّه رَفَع "كتاباً". وخُرِّج على أنَّه رَفَع "كتاباً". وخُرِّج على أنَّه مرفوعٌ بالفعلِ المبنيِّ للمفعول، والأولى قراءة قلقةٌ.
وقرأ الحسن: "ويَخْرُجُ" بفتحِ الياءِ وضمِّ الراءِ مضارعَ "خَرَجَ"، "كتابٌ" فاعلٌ به، وابن محيصن ومجاهد كذلك، إلا أنهما نَصَبا "كتاباً" على الحال، والفاعلُ ضميرُ الطائرِ، أي: ويَخْرُجُ له طائرُه في هذه الحالِ. وقرئ "ويُخْرِجُ" بضمِّ الياء وكسرِ الراء مضارعَ "اَخْرَجَ"، والفاعلُ ضميرُ الباري تعالى، "كتاباً" مفعولٌ.
قوله: "يَلْقَاْه" صفةٌ لـ "كتاباً"، و "مَنْشُوراً" حالٌ من هاء "يَلْقاه". وجوَّز الزمخشري والشيخ وأبو البقاء أن يكونَ نعتاً لكتاب. وفيه نظرٌ: من حيث إنه يَلْزَمُ تقدُّم الصفةِ غير الصريحة على الصريحةِ، وقد تقدَّم ما فيه.
(٩/٣٢٦)


الصفحة التالية
Icon