إلا أنَّ الشيخ تعقَّب كلامَه فقال: "أمَّا قولُه بدلٌ مُقَسِّمٌ كقوله: "وكنت...." فليس كذلك؛ لأنَّ شرطََه العطفُ بالواو، وأيضاً فشرطُه: ان لا يَصْدُقَ المُبْدَلُ منه على أحدِ قِسْميه، لكنْ هنا يَصْدُقُ على أحدِ قسمَيْه، ألا ترى أنَّ الألفَ وهي المبدلُ منه يَصْدُقُ على أحدِ قِسْمَيْها وهو "كلاهما" فليس من البدلِ المقسِّم". ومتى سُلِّم له الشرطان لزم ما قاله.
الثاني: أن الألفَ ليست ضميراً بل علامةُ تثنيةِ و "أحدُهما" فاعلٌ بالفعلِ قبلَه، و "أو كلاهما" عطفٌ عليه. وقد رُدَّ هذا الزجهُ: بأن شرطَ الفعلِ المُلْحَقِ به علامة تثنيةٍ أن يكون مسنداً لمثنَّى نحو: قاما أخواك، أو إلى مُفَرَّق بالعطف بالواو خاصةً على خلاف فيه نحو: "قاما زيد وعمرو"، لكنَّ الصحيحَ جوازُه لورودِ سماعاً كقوله:
٣٠٤٦-....................... * وقد أَسْلماه مُبْعَدٌ وحميم
والفعلُ هنا مسندٌ إلى "أحدُهما" وليس مثنى ولا مفرَّقاً بالعطف بالواوِ.
الثالث: نُقِل عن الفارسيِّ أنَّ/ "كلاهما" توكيدٌ، وهذا لا بدَّ من إصلاحشه بزيادةوٍ، وهو أن يُجْعَلَ "أحدُهما" بدلَ بعضٍ من كل، ويُضْمَرَ بعدَه فعلٌ رافعٌ لضمير تثنية، ويقع "كلاهما" توكيداً لذلك الضميرِ تقديرُه: أو يَبْلُغا كلاهما، إلا أنَّ فيه حَذْفَ المؤكَّد وإبقاء التوكيد، وفيها خلافٌ، أجازها الخليل وسيبويه نحو: "مررت بزيدٍ ورأيت أخاك أنفسهما" بالرفع والنصب، وفالرفعُ على تقديرِ: هما أنفسُهما، والنصبُ على تقديرِ أَعْيِيهما أنفسَهما، ولكنْ في هذا نظرٌ: من حيث إن الممنقولَ عن الفارسيِّ مَنَعَ حَذْفَ المؤكَّد وإبقاءَ توكيدِه، فكيف يُخَرَّجُ قولُه على أصلٍ لا يُجيزُه؟
(٩/٣٣٧)
---


الصفحة التالية
Icon