وفي نَصْبِ "مكروهاً" أربعةُ أوجهٍ، أحدُها: أنه خبرٌ ثانٍ لـ "كان"، وتعدادُ خبرِها جائزٌ على الصحيح. الثاني: أنه بدلٌ مِنْ "سيئة". وضعِّف هذا: بأنَّ البدلَ بالمشتقِ قليلٌ. الثالث: أنه حالٌ من الضمير المستتر في ﴿عِنْدَ رَبِّكَ﴾ لوقوعِه صفةً لـ "سَيِّئة". الرابع: أنه نعتٌ لـ "سيئةٍ"، وإنما ذكِّر لأن تأنيثَ موصوفِه مجازيٌّ. وقد رُدَّ هذا: بأن ذلك إنَّما يجوزُ حيث اُسْنِد إلى المؤنثِ المجازيِّ، أمَّا إذا أُسْنِدَ إلى ضميرِهِ فلا، نحو: "الشمسُ طالعةٌ"، لا يجوز: "طالعٌ" إلا في ضرورةٍ كقوله:
٣٠٦٦-....................... * ولا أرض أبقلَ إبقالها
وهذا عند غيرِ ابنِ كَيْسان، وأمَّا ابنُ كَيْسان فيُجيز في الكلام: "الشمسُ طَلَع، وطالعٌ".
وأمَّا قراءةُ عبدِ الله فهي ممَّا أُخْبر فيها عن الجمعِ إخبارَ الواحدِ لسَدِّ الواحدِ مَسَدَّه كقوله:
٣٠٦٧- فإمَّا تَرَيْني ولِيْ لِمَّةٌ فإنَّ الحوادثَ أَوْدَى بها
لو قال: فإنَّ الحَدَثان/ لصَحَّ من حيث المعنى، فَعَدَلَ عنه لِيَصِحَّ الوزنُُ.
وقرأ عبدُ اللهِ أيضاً ﴿كان سَيِّئاتٍ﴾ بالجمعِ من غير إضافةٍ وهو خبرُ "كان"، وهي تؤيد قراءةَ الحَرَميِّين وأبي عمرو.
* ﴿ ذَلِكَ مِمَّآ أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَاهاً آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَّدْحُوراً ﴾
قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ مِمَّآ أَوْحَى﴾: مبتدأ أو خبر، و "ذلك" إشارةٌ إلى جميعِ ما تقدَّم من التكاليفِ وهي أربعةٌ وعشرون نوعاً، أولُها قولُه: ﴿لاَّ تَجْعَل مَعَ اللَّهِ إِلَاهاً آخَرَ﴾ وآخرُها: ﴿وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً﴾ ﴿مِمَّآ أَوْحَى﴾ "مِنْ" للتبعيضِ؛ لأنَّ هذه بعضُ ما أوحاه اللهُ تعالى إلى نبيِّه.
(٩/٣٥٢)
---