قوله: "لِيَتَذَّكَّروا" متعلقٌ بـ "صَرَّفْنا". وقرأ الأخَوان هنا وفي الفرقان بسكون الذال وضمِّ الكاف مخففةً مضارع "ذكر" من الذِّكر أو الذُّكر، والباقون بفتح الذال مشددةٌ، والأصلُ: يتذكَّروا، فأدغم التاءَ في الذال، وهو من الاعتبار والتدبُّر.
قوله: ﴿وَمَا يَزِيدُهُمْ﴾، أي: التصريفُ، و "نُفوراً" مفعولٌ ثانٍ.
* ﴿ قُلْ لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذاً لاَّبْتَغَوْاْ إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً ﴾
قوله تعالى: ﴿كَمَا يَقُولُونَ﴾: الكافُ في موضعِ نصبٍ، وفيهما وجهان: أحدُهما: أنها متعلقةٌ بما تعلَّقَتْ به "مع" من الاستقرار، قاله الحوفي. والثاني: أنها/ نعتٌ لمصدرٍ محذوف، أي: كوناً كقولهم قاله أبو البقاء.
وقرأ ابنُ كثيرٍ وحفصٌ "يقولون" بالياءِ مِنْ تحت، والباقون بالتاء مِنْ فوقُ، وكذا قولُه بعد هذا ﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ﴾ قرأه بالخطابِ الأخَوان، والباقون بالغيب، فتحصَّل من مجموع الأمر أنَّ ابنَ كثير وحفصاً يَقْرآنهما بالغيب، وأن الأخوين قرآ بالخطاب فيهما، وأن الباقين قرؤوا بالغيب في الأول، وبالخطاب في الثاني.
فالوجهُ في قراءةِ الغيبِ فيهما أنه: حَمَل الأولَ على قولِهِ: ﴿وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُوراً﴾ وحَمَل الثاني عليه. وفي الخطاب فيهما أنه حمل الأولَ على معنى: قل لهم يا محمد لو كان معه آلهةٌ كما تقولون، وحَمَل الثاني عليه. وفي قراءة الغيبِ في الأولِ أنَّه حَمَله على قوله "وما يزيدهم" والثاني التفت فيه إلى خطابهم.
قوله: "إذَنْ" حرفُ جوابٍ وجزاءٍ. قال الزمخشري: "وإذن دالَّةٌ على أنَّ ما بعدها وهو "لابتَغَوا" جوابٌ لمقالةِ المشركين وجزارٌ لـ "لو". وأدغم أبو عمروٍ الشينَ في السين، واستضعفها النحاةُ لقوةِ الشين.
* ﴿ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً ﴾
(٩/٣٥٥)
---