قوله: "بدُعائِك" فيه وجهان، أظهرُهما: أنَّ المصدرَ مضافٌ لمفعولِه، أي: بدعائي إياك. والثاني: أنه مضافُ لفاعلِه، أي: لم أكنْ بدعائِك لي إلى الإيمانِ شَقِيَّا.
* ﴿ وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَآئِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ وَلِيّاً ﴾
قوله: ﴿خِفْتُ الْمَوَالِيَ﴾: العامَّةُ على "خَفْتُ" بكسر الحاء وسكونِ الفاء، وهو ماضٍ مسندٌ لتاءِ المتكلم. و "المَوالي" مفعولٌ به بمعنى: أنَّ مَوالِيه كانوا بني إسرائيل/ فخافَهم على الدِّين. قاله الزمخشري.
قال أبو البقاء: "لا بُدَّ مِنْ حَذْفِ مضافٍ، أي: عَدَمَ المَوالي أو جَوْرَ المَوالي".
وقرأ الزُّهري كذلك، إلا أنه سَكَّن ياءَ "المَوالي" وقد تَقَدَّم أنَّه قد تُقَدَّر الفتحةُ في الياء والواو، وعليه قراءةُ زيدِ عليّ ﴿تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ وتقدَّم إيضاحُ هذا.
وقرأ عثمان بن عفان وزيد بن ثابت وابن عباس وسعيد بن جبير وسعيد بن العاص ويحيى بن يعمر وعلي بن الحسين في آخرين: "خَفَّتِ" بفتحِ الخاءِ والفاءِ مشددةً وتاءِ تأنيثٍ، كُسِرَتْ لالتقاءِ السَّاكنين. و" المَوالِيْ" فاعلٌ به، بمعنى دَرَجُوا وانقرضُوا بالموت.
قوله: ﴿مِن وَرَآئِي﴾ هذا متعلِّقٌ في قراءةِ الجُمهورِ بما تضمنَّه المَوالي مِنْ معنى الفِعْلِ، أي: الذين يَلُوْن الأمرَ بعدي. ولا يتعلق بـ "خَفْتُ" لفسادِ المعنى، وهذا على أَنْ يُرادَ بـ "ورائي" معنى خلفي وبعدي. وأمَّا في قراءةِ "خَفَّتْ" بالتشديد فيتعلَّق الظرفُ بنفسِ الفعل، ويكونُ "ورائي" بمعنى قُدَّامي. والمرادُ: أنهم خفُّوا قدَّامَه ودَرَجُوا، ولم يَبْقَ منهم مَنْ به تَقَوٍّ واعْتِضادٌ. ذكر هذين المعنيين الزمخشري.
والمَوالي: بنو العمِّ يدلُّ على ذلك تفسيرُ الشاعرِ لهم بذلك في قوله:
٣٢١١- مَهْلاً بني عَمَّنا مَهْلاً مَواليَنا * لا تَنْبُشوا بَيْنَنا ما كان مَدْفُوْنا
وقال آخر:
(١٠/١١٠)
---