وقرأ عبد الله ومجاهد "عُسِيَّا" بضم العين وكسر السينِ المهملة. وتقدَّم اشتقاقُ هذه اللفظة في الأعراف وتصريفُها.
* ﴿ قَالَ كَذالِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً ﴾
قوله: ﴿كَذالِكَ﴾: في محلِّ هذه الكاف وجهان، أحدهما: أنه رفعٌ على خبرِ ابتداءٍ مضمرٍ، أي: الأمرُ كذلك، ويكون الوقف على: "كذلك" ثم يُبْتَدَأ بجملة أخرى. والثاني: أنها منصوبةُ المحلِّ، فَقَدَّره أبو البقاء بـ "أَفْعَلُ مثلَ ما طلبْتَ، وهو كنايةٌ عن مطلوبِه، فَجَعَلَ ناصبَه مقدَّراً، وظاهرُه أنَّه مفعولٌ به.
وقال الزمخشري: "أو نصبٌ بـ "قال" و "ذلك" إشارةٌ إلى مُبْهم يُفَسِّره ﴿هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ﴾، ونحوُه: ﴿وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلآءِ مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ﴾ وقرأ الحسن ﴿وهُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ﴾ ولا يُخَرَّجُ هذا إلا على الوجه الأول، أي: الأمرُ كما قلت، وهو على ذلك يَهُون عليَّ. ووجهٌ آخرُ: وهو أَنْ يُشارَ بـ "ذلك" إلى ما تقدَّم من وَعْدِ الله، لا إلى قولِ زكريَّا. و "قال" محذوفٌ في كلتا القراءتين.- في كلتا القراءتين: يعني قراءةَ العامة وقراءةَ الحسن - أي: قال هو عليَّ هيِّن، قال: وهو عَلَيَّ هَيِّن، وإن شئتَ لم تَنْوِه، لأنَّ اللهَ هو المخاطَبَ، والمعنى أنه قال ذلك، ووَعْدُه وقولُه الحق".
وفي هذا الكلامِ قَلَقٌ؛ وحاصلُه يَرْجع إلى أنَّ "قال" الثانيةَ هي الناصبةُ للكاف. وقوله: "وقال محذوفٌ" يعني تفريغاً على أنَّ الكلامَ قد تَمَّ عند "قال ربك" ويُبْتَدأ بقولِه: ﴿هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ﴾. وقوله: "وإنْ شِئْتَ لم تَنْوِه" أي: لم تَنْوِ القولَ المقدَّرَ، لأنَّ اللهَ هو المتكلَّمُ بذلك.
(١٠/١١٤)
---