وظاهرُ كلامِ بعضهِم: أنَّ "قال" الأولى مُسْنَدةٌ إلى ضميرِ المَلَكِ، وقد صَرَّح بذلك اينُ جريرٍ، وتبعه ابن عطية. قال الطبري: "ومعنى قولِه" قال كذلك"، أي: الأمران اللذان ذكرْتَ مِنَ المرأةِ العاقرِ والكِبَرِ هو كذلك، ولكم قال ربُّكِ، والمعنى عندي: قال المَلَكُ: كذلك، أي: على هذه الحال، قال ربك: هو عليَّ هَيِّنٌ" انتهى.
وقرأ الحسن البصري "عَلَيِّ" بكسر ياء المتكلم كقوله:
٣٢١٣- عَلَيَّ لعمروٍ نِعْمَةٌ بعد نِعْمةٍ * لوالدِه ليسَتْ بذاتِ عَقَارِبِ
أنشدوه بالكسر. وقد أَمْنَعْتُ الكلامَ في هذه المسألة في قراءةِ حمزةَ ﴿بِمُصْرِخِيِّ﴾.
قوله: ﴿وَقَدْ خَلَقْتُكَ﴾ هذه جملة مستأنفة. وقرأ الأخَوان "خَلَقْناك" أسنده إلى الواحدِ المعظِّمِ نفسَه. والباقون "خَلَقْتُكَ" بتاءِ المتكلم.
وقوله: ﴿وَلَمْ يَكُ شَيْئاً﴾ جملةٌ حاليةٌ، ومعنى نَفْيِ كونِه شيئاً، أي: شيءاً يُعْتَدُّ به كقوله:
٣٢١٤-............................ * إذا رَأَى غيرَ شَيْءٍ ظَنَّه رَجُلاً
وقالوا: عَجِبْتُ مِنْ لا شيء. ويجوز أن يكونَ قال ذلك؛ لأنَّ المعدومَ ليس بشيءٍ.
* ﴿ قَالَ رَبِّ اجْعَل لِيا آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَ لَيَالٍ سَوِيّاً ﴾
قوله: ﴿سَوِيّاً﴾: حالٌ مِنْ فاعل "تُكَلِّمَ". وعن ابن عباس: أنَّ "سَوِيَّاً" من صفةِ الليالي بمعنى كاملات، فيكونُ نصبُه على النعتِ للظرف. والجمهورُ على نصب ميم "تُكَلَّم" جعلوها الناصبةَ.
وابن أبي عبلة بالرفعِ، جَعَلها المخففةَ من الثقيلة، واسمُها ضميرُ شانٍ محذوف، و "لا" فاضلةٌ. وتقدَّم تحقيقُه.
* ﴿ فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُواْ بُكْرَةً وَعَشِيّاً ﴾
(١٠/١١٥)
---


الصفحة التالية
Icon