قوله: ﴿أَن سَبِّحُواْ﴾: يجوز في "أَنْ" أَنْ تكونَ مفسِّرةً لأَوْحى، وأَنْ تكونَ مصدريةًَ مفعولةً بالإيحاء. و ﴿بُكْرَةً وَعَشِيّاً﴾ ظرفا زمانٍ للتسبيح. وانصرفَتْ "بُكْرَة" لأنه لم يُقْصَد بها العَلَمِيَّةُ، فلو قُصِد بها العَلَميةُ امتنعت عن الصرف. وسواءً قُصد بها وقتٌ بعينه نحو: لأسيرنَّ الليلةَ إلى بكرةَ، أم لم يُقصد نحو: بكرةُ وقتٌ بعينه نحو: لأسيرنَّ الليلةَ إلى بكرةَ، أم لم يُقصد نحو: بكرةُ وقتُ نشاط [لأنَّ عَلَمِيَّتها جنسيَّة كأُسامة]، ومثلُها في ذلك كله "غدوة".
وقرأ طلحة "سَبَّحوه" بهاءِ الكناية. وعنه أيضاً: "سَبِّحَنَّ" بإسناد الفعل إلى ضمير الجماعة مؤكَّداً بالثقيلة وهو كقولِه: ﴿لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ﴾ وقد تقدَّم تصريفه.
* ﴿ يايَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً ﴾
قوله: ﴿بِقُوَّةٍ﴾: حالٌ من الفاعل أو المفعول، أي: ملتبساً أنت، أو ملتبساً هو بقوة. و "صَبِيَّا" حال من هاء "آتيناه".
* ﴿ وَحَنَاناً مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيّاً ﴾
قوله: ﴿وَحَنَاناً﴾: يجوز أَنْ يكونَ مفعولاً به نَسَقاً على "الحُكْمَ"، أي: وآتيناهُ تَحَنُّناً. والحنانُ: الرحمةُ واللِّيْن، وأنشد أبو / عبيدة:
٣٢١٥- تحنَّنْ عليَّ هداك المليكُ * فإنَّ لكلِّ مقامٍ مَقالا
قال: "وأكثر استعمالِه مثنَّى كقولِهم: حَنَانَيْكَ، وقولِه:
٣٢١٦-............................ * حَنَانَيْكَ بعضُ الشرِّ أهونُ مِنْ بعضِ
وجوَّز فيه أبو البقاء أَنْ يكونَ مصدراً، كأنَّه يريد بع المصدرَ الواقعَ في الدعاء نحو: سَقْياً ورَعْياً، فنصبُه بإضمارِ فِعْلٍ كأخواتِه. ويجوز أَنْ يرتفعَ على خبر ابتداءٍ مضمرٍ نحو: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾ و ﴿سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ﴾ في أحد الوجهين: وأنشد سيبويه:
٣٢١٧- وقالَتْ حَنانٌ ما أَتَى بك هَهنا * أذو نَسَبٍ أَمْ أنتَ بالحَيِّ عارِفُ
(١٠/١١٦)
---


الصفحة التالية
Icon