وقيل لله تعالى: حَنان، كما يقال له "رَحيم" قال الزمخشري: "وذلك على سبيل الاستعارة".
و ﴿مِّن لَّدُنَّا﴾ صفةٌ له.
* ﴿ وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً ﴾
قوله: ﴿وَبَرّاً﴾: يجوز أن يكون نَسَقاً على خبر "كان"، أي: كان تقيَّاً بَرَّاً. ويجوز أَنْ يكون منصوباً بفعلٍ مقدر، أي: وجَعَلْناه بَرَّاً. وقرأ الحسن "بِرَّاً" بكسر الباء في الموضعين. وتأويلُه واضح كقوله: ﴿وَلَاكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ﴾ وتقدَّم تأويلُه. و "بِوالِدَيْهِ" متعلِّقٌ بـ "بَرَّاً".
و "عَصِيَّا" يجوز أَنْ يكونَ وزنُه فَعُولاً، والأصل: عَصُوْيٌ فَفُعِل فيه ما يُفْعَل في نظائره، وفَعُول للمبالغة كصَبُوْر. ويجوز أَنْ يكونَ وزنُه فَعِيلاً، وهو للمبالغة أيضاً.
* ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِياً ﴾
قوله: ﴿إِذِ انتَبَذَتْ﴾: في "إذ" أوجهٌ، أحدُها: أنَّها منصوبةٌ بـ "اذكُرْ" على أنها خَرَجَتْ عن الظرفية، إذ يستحيل أنْ تكونَ باقيةً على مُضِيِّها. والعاملُ فيها ما هو نَصٌّ في الاستقبال. الثاني: أنَّه منصوبٌ بمحذوفٍ مضافٍ لمريم تقديره: واذكر خبرَ مريم، أو نَبَأَها، إذ انْتَبَذَتْ، فـ "إذ" منصوبٌ بذلك الخبر أو النبأ. والثالث: أنه منصوبٌ بفعلٍ محذوف تقديره: وبَيَّنَ، أي: اللهُ تعالى، فهو كلامُ آخرُ. وهذا كما قال سيبويه في قوله: ﴿انتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ﴾ وهو في الظرف أقوى وإنْ كان مفعولاً به. والرابع: أن يكونَ منصوباً على الحال مِنْ ذلك المضافِ المقدَّر، أي: خبر مريم أو نبأ مريم. وفيه بُعْدٌ. قاله أبو البقاء. والخامس: أنه بدلٌ مِنْ "مريمَ" بدلُ اشتمال. قال الزمخشري: "لأنَّ الأحيانَ مشتملةٌ على ما فيها، وفيه: أنَّ المقصودَ بِذِكْر مريم ذِكْرُ وقتها هذا لوقوع هذه القصةِ العجيبةِ فيه".
(١٠/١١٧)
---