والسَّرِيُّ فيه قولان، أحدهما: أنه الرجلُ المرتفعُ القَدْرِ، مِنْ سَرُوَ يَسْرُو كشَرُف يَشْرُف، فهو سَرِيٌّ. وأصله سَرِيْوٌ، فأُعِلَّ إعلالَ سَيِّد، فلامُه واوٌ. والمرادُ به في الآية عيسى بن مريم عليه السلام، ويُجْمع "سَرِيُّ" على "سَراة" بفتح السين، وسُرَواء كظُرَفاء، وهما جمعان شاذَّان، بل قياسُ جضمْعِه "أَسْرِيتْ"، كغنِيِّ وأَغْنِياء. وقيل: السَّرِيُّ: مِنْ سَرَوْتُ الثوبَ، أي: نَزَعْتُه، وسَرَوْتُ الجُلَّ عن الفَرَس، أي: نَزَعْتُه. كأنَّ السَّرِيَّ سَرَى ثوبَه، بخلاف المُدَّثِّر والمُتَزَمِّل. قاله الراغب.
والثاني: أنه النهرُ الصغير، ويناسِبُه "فكُلي واشربي" واشتقاقه مِنْ سَرَى يَسْرِي، لأن الماءَ يَسْري فيه، فلامُه على هذا ياء، وأنشدوا للبيد:
٣٢٢١- فتوسَّطا عُرْضَ السَّرِيِّ فَصَدَّعا * مَسْجورةً مُتَجاوِزاً قُلاَّمُها
* ﴿ وَهُزِّى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً ﴾
قوله: ﴿وَهُزِّى إِلَيْكِ بِجِذْعِ﴾: يجوز أَنْ تكونَ الباءُ في "بِجَذْعِ" زائدةً كهي في قولِه تعالى: ﴿وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ﴾ [وقولِه:]
٣٢٢٢-........................ *........... لا يَقْرَأْن بالسُّوَر
وأنشد الطبري:
٣٢٢٣- بوادٍ يَمانٍ يُنْبِتُ السِّدْرَ صَدْرَه * وأَسْفَلُه بالمَرْخِ واشَّبَهانِ
أي: هُزِّي جِذْعَ النخلةِ. ويجوز أَنْ يكونَ المفعولُ محذوفاً، والجارُّ حالٌ من ذلك المحذوفِ تقديرُه: وهُزِّي إليك رُطَباً كائناً بجذع النخلة. ويجوز أن يكونَ هذا محمولاً على المعنى؛ إذِ التقدير: هُزِّي الثمرةَ بسبب هَزِّ الجِذْع، أي: انفُضِي الجِذْع. وإليه نحا الزمخشري فإنه قال: "أو افْعَلي الهَزَّ كقولِه:
٣٢٢٤-....................... *... يَجْرَحْ في عراقيبِها نَصْلي
(١٠/١٢٤)
---