٣٢٧٩ـ وألاَّ ألومَ النفسَ فيما أصابني * وألا أكادَ بالذي نِلْتُ أَبْجَحُ
ولا حُجَّةَ في شيءٍ منه.
والتأويل الثالث: أنَّ الكَيْدُوْدَةَ بمعنى الإِرادة ونُسِبت للأخفش وجماعةٍ، ولا ينفعُ فيما قصدوه.
والتأويل الرابع: أنَّ خبرَها محذوفٌ تقديره: أكاد آتي به لقُرْبها. وأنشدوا قول ضابىء البرمجي:
٣٢٨٠ـ هَمَمْتُ ولم أفْعَلْ وكِدْتُ وليتني * تَرَكْتُ على عثمانَ تَبْكي حلائِلُهْ
أي: وكِدْتُ أفعلُ، فالوقفُ على "أكادُ"، والابتداء بـ"أُخْفيها"، واستحسنه أبو جعفر.
وقرأ أبو الدرداء وابنُ جبير والحسنُ ومجاهدٌ وحميدٌ "أَخْفيها" بفتح الهمزة. والمعنى: أُظْهرها، بالتأويل المتقدم يقال: خَفَيْتُ الشيءَ: أظهَرْتُه، وأَخْفَيْتُه: سترته، هذا هو المشهور. وقد نُقِل عن أبي أبي الخطاب أنَّ خَفَيْتُ وأَخْفَيْتُ بمعنىً. ، وحُكي عن أبي عبيد أنَّ "أَخْفى" من الأضدادِ يكون مبعنى أظهر وبمعنى سَتَر، وعلى هذا تَتَّحد القراءتان. ومِنْ مجيءِ خَفَيْتُ بمعنى أظهَرْت قولُ امرىء القيس:
٣٢٨١ـ خَفَاهُنَّ مِنْ أَنْفاقِهِنَّ كأنما * خفاهُنَّ وَدْقٌ مِنْ عَشِيٍّ مُجَلِّبِ
وقول الآخر:
٣٢٨٢ـ فإنْ تَدْفِنوا الداءَ لا نَخْفِهِ * وإنْ تُوْقِدُوْا الحربَ لا نَقْعُدِ
قوله: ﴿لِتُجْزَى﴾ هذه لامٌ كي، وليسَتْ بمعنى القسمِ أي: لَتُجْزَيضنَّ كما نقله أبو البقاء عَنْ بعضهم. وتتعلَّق هذه اللامُ بـ"اُخْفيها". وجعلها بعضُهم متعلقةً بـ"آتيةٌ" وهذا لا يَتِمُّ إلاَّ إذا قَدَّرْتَ أنَّ "أكاد أُخْفيها" معترضةٌ بين المتعلَّقِ والمتعلَّقِ به، أمَّا إذا جعلتَها صفةً لآتِيَةٌ فلا يتجه على مذهب البصريين؛ لأن اسمَ الفاعلِ متى وُصِفَ لم يعملْ، فإنْ عَمِل ثم وُصِف جاز.
وقال أبو البقاء: "وقيل بـ"آتِيَةٌ"، ولذلك وَقَفَ بعضُهم عليه وَقْفَةً يسيرةً إيذاناً بانفصالِها عن أخفيها".
(١٠/١٩٠)
---