وقرِأ ابنُ أبي [عَبْلة] "مُحْدَثٌ" رفعاً نعتاً لـ"ذِكْرٍ" على المحلِّ لأنَّ "مِنْ" مزيدةٌ فيه لاستكمالِ الشرطين. وقال أبو البقاء: "ولو رُفِع على موضع "مِنْ ذكْر" جاز". كأنه لم يَطَّلِعْ عليه قراءةً. وزيدُ بنُ على "مُحْدَثاً" نصباً على الحال مِنْ "ذِكْر"، وسَوَّغ ذلك و صفُه بـ"مِنْ ربهم" إنْ جَعَلْناه صفةً، أو اعتمادُه على النفي. ويجوز أن يكونَ من الضمير المستتر في "مِنْ ربهم" إذا جَعَلْناه صفةً.
قوله: ﴿إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ﴾ هذه الجملةُ حالٌ من مفعول "يأتيهم"، وهو استثناءٌ مفرغٌ، و"قد" معه مضمرةٌ عند قوم.
قوله: ﴿وَهُمْ يَلْعَبُونَ﴾ حالٌ مِنْ فاعل "استمعوه".
* ﴿ لاَهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّواْ النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ هَلْ هَاذَآ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ ﴾
قوله: ﴿لاَهِيَةً﴾: يجوزُ أَنْ تكونَ حالاً مِنْ فاعل "اسْتَمَعوه" ـ عند مَنْ يُجيز تعدُّدَ الحالِ ـ فتكونَ الحالان مترادِفَتَيْنِ، وأن تكون حالاً من فاعل "يَلْعَبون" فتكونَ الحالان متداخلتين. وعَبَّر الزمخشري عن ذلك فقال: ﴿وَهُمْ يَلْعَبُونَ لاَهِيَةً قُلُوبُهُمْ﴾ حالان مترادفتان أو متداخلتان" وإذا جعلناهما حالَيْنِ مترادفتين ففيه تقديمُ الحالِ غيرِ الصريحة على الصريحة، وفيه من البحثِ كما في باب النعت. و"قلوبُهم" مرفوعٌ بـ"لاهية".
والعامَّةُ على نصب "لاهِيَةً". وابنُ أبي عبلة بالرفع على أنها خبرٌ ثانٍ بقولِه "وهم" عند مَنْ يُجَوِّز ذلك، أو خبرُ مبتدأ محذوفٍ عند مَنْ لا يُجَوِّزه.
قوله: ﴿وَأَسَرُّواْ النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ﴾ يجوزُ في محلِّ "الذين" ثلاثةشُ أوجهٍ: الرفعُ والنصبُ والجرُّ. فالرفعُ مِنْ أوجهٍ، أحدها: أنه بدلٌ من واو "أَسَرُّوا" تنبيهاً على اتِّسامهم بالظلمِ الفاحش، وعزاه ابن عطية لسيبويه، وغيره للمبرد.
(١٠/٢٧٧)
---