الثاني: أنه فاعلٌ. الواوُ علامةُ جمعٍ دَلَّتْ على جمعِ الفاعل، كما تَدُلُّ التاءُ على تأنيثه، وكذلك يفعلون في التثنية فيقولون: قاما أخواك. وأنشدوا:
٣٣٣١ـ يَلُوْمونني في اشتراء النَّخيلِ * أهلي فكلُّهُمُ أَلْةوَمُ
وقد تقدَّمت هذه المسألة في المائدة عند قوله تعالى: ﴿ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ كَثِيرٌ مِّنْهُمْ﴾ وإليه ذهب الأخفش وأبو عبيدة. وضعَّف بعضُهم هذه اللغةَ، وبضعُهم حَسَّنها ونسبها لأزد شنوءة، وقد تقدمت هذه المسألة في المائدة عند قوله تعالى: ﴿ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ كَثِيرٌ مِّنْهُمْ﴾.
الثالث: أن يكونَ "الذين" متبدأً، و"أَسَرُّوا" جملةً خبريةً قُدِّمَتْ على المبتدأ، ويُعْزَى للكسائي.
الرابع: أن يكون "الذين" مرفوعاً بفعلٍ مقدرٍ فقيل تقديره: يقولُ الذين. واختاره النحاس قال: "والقول كثيراً ما يُضْمَرُ. ويَدُلُّ عليه قولُه بعد ذلك: ﴿هَلْ هَاذَآ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ﴾. وقيل: تقديرُه: أَسَرَّها الذين ظلموا.
الخامس: أنه خبرُ مبتدأ مضمرٍ تقديرُه: هم الذين ظلموا.
السادس: أنه مبتدأٌ. وخبرُه الجملةُ من قوله: ﴿هَلْ هَاذَآ إِلاَّ بَشَرٌ﴾ ولا بُدَّ من إضمار القولِ على هذا القولِ تقديرُه: الذين ظلموا يقولون: هل هذا إلاَّ بَشَرٌ، والقولُ يُضمر كثيراً.
والنصبُ مِنْ وجهين، أحدُهما: الذمُّ. الثاني: إضمار أعني. والجرُّ من وجهين أيضاً: أحدهما: النعت: والثاني: البدلُ، من "للناس"، ويُعْزَى هذا للفراءِ، وفيه بُعْدٌ.
قوله: ﴿هَلْ هَاذَآ﴾ إلى قوله: ﴿تُبْصِرُونَ﴾ يجوز في هاتَيْن الجملتين الاستفهاميتين أَنْ يكونا في محلِّ نصب بدلاً من "النجوى"، وأَنْ يكونا في محلِّ نصبٍ بإضمار القول. قالهما الزمخشريُّ، وأَنْ يكونا في محلِّ نصبٍ على أنهما محكيَّتان بالنجوى، لأنها في معنى القولِ. ﴿وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ﴾ جملةٌ حاليةٌ مِنْ فاعل "تَاْتُون".
(١٠/٢٧٨)
---