قوله: ﴿إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ جوابُ الشرطِ محذوفٌ لدلالةِ ما تقدَّم عليه أي: فاسْأَلوهم، حُذِفَ لدلالةِ ما تقدَّم عليه. ومفعولا العِلْمِ يجوز أَنْ يُرادا أي: لا تَعْلمون أنَّ ذلك كذلك، ويجوزُ أن لا يُرادا أي: إنْ كنتم مِنْ غيرِ ذوي العلمِ.
* ﴿ وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لاَّ يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُواْ خَالِدِينَ ﴾
قوله: ﴿لاَّ يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ﴾: في هذه الجملةِ وجهان، أظهرُهما: أنَّها في محلِّ نصب نعتاً لـ"جَسَداً"، و"جَسَداً" مفردٌ يُراد به الجمعُ، وهو على حذفِ مضافٍ أي: ذوي أجسادٍ غيرِ آكلينَ الطعامَ. وهذا رَدٌّ لقولِهم: ﴿مَالِ هَاذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ﴾. و"وجعل" يجوز أن يكونَ بمعنى صَيَّر فيتعدَّى لاثنين، ثانيهما "جسداً"، ويجوزُ أَنْ يكونَ بمعنى خلق وأنشأ فيتعدَّى لواحدٍ، فيكون "جسداً" حالاً بتأويلِه بمشتقٍ أي: مُتَغَذِّيْنَ؛ لأنَّ الجسدَ لا بُدَّ له من الغذاءِ.
وقال أبو البقاء: "إنَّ "لا يأكلون" حالٌ أخرى بعد "جَسَداً" إذا قلنا إنَّ "جعل" يتعدَّى لواحدٍ". وفيه نَظَرٌ، بل هي صفةٌ لـ"جَسَداً" بالاعتبارين، لا يليق المعنى إلاَّ به.
* ﴿ ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَآءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرفِينَ ﴾
قوله: ﴿صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ﴾: "صَدَق" يتعدَّى لاثنينِ إلى ثانيهما بحرفِ الجرِّ، وقد يُحْذف. تقولُ: صَدَقْتُك الحديثَ، وفي الحديث. نحو: أمر واستغفر وقد تقدَّم في آل عمران.
* ﴿ لَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾
(١٠/٢٨٠)
---