قوله: ﴿فِيهِ ذِكْرُكُمْ﴾: يجوزُ أَنْ تكونَ جملةً في محلِّ نصبٍ صفةً لـ"كتاباً" ويجوزُ أَنْ يكونَ "فيه" هو الوصفَ وحدَه و"ذِكْرُكم" فاعلٌ. وقال بعضهم: "في الكلامِ حَذْفُ مضافٍ تقديرُه: فيه ذِكْرُ شَرَفِكم. و"ذَكَر" هنا مصدرٌ يجوز أن يكونَ مضافاً لمفعولِه أي: ذِكْرُنا إياكم. ويجوز أَنْ يكونَ مضافاً لفاعلِه أي: ما ذَكَرْتُمْ من الشِّرْك وتكذيبِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم.
* ﴿ وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْماً آخَرِينَ ﴾
قوله:/ ﴿وَكَمْ قَصَمْنَا﴾: في محلِّ نصبٍ مفعولاً مقدماً بـ"قَصَمْنا". و"من قرية" تمييزٌ. الظاهرُ أنَّ "كم" هنا خبريةٌ لأنها تفيدُ التكثرَ.
قوله: ﴿كَانَتْ ظَالِمَةً﴾ في محلِّ جرٍّ صفةً لـ"قريةٍ". ولا بُدَّ من مضافٍ محذوفٍ قبل قرية أي: وكم قَصَمْنا من أهلِ قرية بدليلِ عَوْدِ الضميرِ في قوله: ﴿قَوْماً﴾ ولا يجوز أَنْ يعودَ على قولِه ِ"قوماً"؛ لأنه لم يَذْكُرْ لهم ما يَقْتَضي ذلك.
* ﴿ فَلَمَّآ أَحَسُّواْ بَأْسَنَآ إِذَا هُمْ مِّنْهَا يَرْكُضُونَ ﴾
قوله: ﴿إِذَا﴾: هذه فجائيةٌ. وقد تقدَّمَ الخلافُ فيها مُشْبَعاً. و"هم" مبتدأٌ، و"يَرْكُضون" خبرُه، وتقدَّم في أولِ هذه الموضوعِ أنَّ هذه الآيةَ وأمثالَها دالَّةٌ على أن "لَمَّا: ليست ظرفيةً، بل حرفُ وجوبٍ لوجوب لأنَّ الظرفَ لا بُدَّ له مِنْ عاملٍ ولا عاملَ هنا لأنَّ ما بعدَ إذا لا يعملُ فيما قبلَها. والجواب: أنه عَمِل فيها معنى المفاجأةِ المدلولِ عليه بـ"إذا".
والضميرُ في "مِنْها" يعودُ على "قرية". ويجوز أَنْ يعودَ على "بَأْسَنا" لأنه في معنى النِّقْمة والبأساء، فَأَنَّثَ الضميرَ حملاً على المعنى. و"مِنْ" على الأولِ لابتداءِ الغايةِ، وللتعليل على الثاني. والرَّكْضُ: ضَرْبُ الدابَّة بالرِّجْلِ. يُقال: رَكَضَ الدابَّةَ يَرْكُضها رَكْضاً.
(١٠/٢٨١)
---


الصفحة التالية
Icon