وكنتُ أَمْشي على رِجْلين مُعْتَدِلاً * فصِرْتُ أَمْشِي على أُخْرى من الشَّجر
ويُروى البيتُ الأول "الشارِبِ الثَّمِلِ"، والأولُ أَصَحُّ لدلالةِ البيت الثاني عليه.
وقرأ الباقون "سُكارَى" بضمِّ السين. وقد تَقَدَّم لنا في البقرة خلافٌ: هل هذه الصيغةُ جمعُ تكسيرٍ أو اسمُ جمع؟
وقرأ أبو هيريرةَ وأبو نهيك وعيسى بفتح السين فيهما، وهو جمع تكسير، واحدُه سَكْران. قال أبو حاتم: "وهي لغةُ تميم".
وقرأ الحسنُ والأعرج وأبو زرعة والأعمش "سُكْرى" "بِسُكْرى" بضمِّ السين فيهما. فقال أبن جني: "هي اسمٌ مفردٌ كالبُشْرَى. بهذا أفتاني أبو علي". وقال أبو الفضل: "فُعْلَى بضمِّ الفاءِ مِنْ صفةِ الواحدةِ من الإِناثِ، لكنها لَمَّا جُعِلَتْ من صفاتِ الناس وهم جماعة، أُخْرِيَتْ الجماعة بمنزلة المؤنثِ الموحِّدِ". وقال الزمخشري: "هو غريبٌ". قتل: ولا غرابةَ؛ فإنَّ فُعْلَى بضم الفاء كَثُر مجيئُها في أوصافِ المؤنثة نحو الرُّبَّى والحُبْلَى وجَوَّز أبو البقاء فيه أن يكونَ محذوفاً مِنْ سُكارى. وكان مِنْ حَقِّ هذا القارىء أَنْ يُحَرِّكَ الكافَ بالفتح إبقاءً لها على ما كانَتْ عليه. وقد رواها بعضُهم كذلك عن الحسن. وقُرِىء "ويُرَى الناسُ" بالياء من تحت ورفع "الناسُ".
وقرأ أبو زرعة في روايةٍ "سَكْرى" بالفتح، "بسُكْرى" بالضم. وعن ابن جبير كذلك، إلاَّ أنه حَذَف الألفَ من الأول دون الثاني.
وإثباتُ السُّكْرِ وعَدَمُه بمعنى الحقيقة والمجاز أي: وترى الناس سَكْرىعلى التشبيه، وما هم بسَكْرى على التحقيق. قال الزمخشري: "فإنْ قلتَ: لِمَ قيل أولاً: تَرَوْن، ثم قيل: "تَرَى" على الإِفراد؟ قتل: لأنَّ الرؤيةَ أولاً عُلِّقَتْ بالزلزلة، فَجُعِل الناسُ جميعاً رائِيْنَ لها، وهي معلَّقَةٌ أخيراً بكونِ الناسِ على حالِ السُّكر، فلا بُدَّ أن يُجْعَلَ كلُّ واحدٍ منهم رائياً لسائرِهم".
(١٠/٣٥١)
---


الصفحة التالية
Icon