* ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ ﴾
و"مَنْ" في ﴿مَن يُجَادِلُ﴾ يجوزُ أَنْ تكونَ نكرةً موصوفةً، وأن تكونَ موصولةً. و﴿فِي اللَّهِ﴾ أي في صفاتِه. و﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ مفعولٌ أو حالٌ مِنْ فاعلِ "يُجادل". وقرأ زيد بن علي "وَتْبَعُ".
* ﴿ كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ ﴾
قوله: ﴿كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ﴾: قرأ العامَّةُ "كُتِبَ" مبنياً للمفعولِ وفتحَ "أنَّ" في الموضعين. وفي ذلك وجهان، أحدُهما: أنَّ الضميرَ وما في حَيِّزه في محلِّ رفعٍ لقيامِه مقامَ الفاعل. فالهاءُ في "عليه" وفي "أنه" يعودان على "مَنْ" المتقدمةِ. و"مَنْ" الثانية يجوز أن تكونَ شرطيةً والفاءُ جوابُها، وأن تكونَ موصولةً، والفاءُ زائدةٌ في الخبرِ لشَبَهِ المبتدأ بالشرط. وفُتِحَتْ "أنَّ" الثانيةُ لأنها وما في حَيِّزهنا في محلِّ رفعٍ خبراً لمبتدأ محذوفٍ، تقديره: فشأنهُ وحالُه أنه يُضِلُّه. أو يُقَدَّر "فَأَنَّه: مبتدأ، والخبر محذوفٌ أي: فله أنَّه يَضِلُّه.
الثاني: قال الزمخشري: "ومَنْ فَتَحَ فلأنَّ الأولَ فاعلُ "كتِب"، والثاني عَطْفٌ عليه". قال الشيخ: "وهذا لا يجوزُ؛ لأنَّك إذا جَعَلْتَ "فأنَّه" عطفاً على "أنَّه" بقيت "أنَّه" بلا استيفاءِ خبرٍ، لأنَّ "مَنْ تَوَلاَّه" "مَنْ" فيه مبتدأةٌ. فإنْ قَدَّرْتَها موصولةً فلا خبرَ لها حتى تَسْتقلَّ خبراً لـ"أنه". وإنْ جَعَلْتَها شرطيةً فلا جوابَ لها؛ إذ جُعِلَتْ "فأنَّه" عَطْفاً على "أنه".
قلت: وقد ذَهبَ ابنُ عطية ـ رحمه الله ـ إلى مثلِ قولِ الزمخشري فإنه قال: "وأنَّه" في موضعِ رفعٍ على المفعولِ الذي: لم يُسَمَّ فاعلُه و"أنَّه" الثانيةُ عطفٌ على الأولى مؤكدةً مثلَها". وهذا رَدٌّ واضحٌ.
(١٠/٣٥٢)
---