* ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوااْ إِنْ هَاذَا إِلاَّ إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَآءُوا ظُلْماً وَزُوراً ﴾
قوله: ﴿افْتَرَاهُ﴾: الهاءُ تعودُ على إفك. وقال أبو البقاء: "الهاء تعود على "عَبْدِه" في أول السورة" ولا أظنَّه إلاَّ غَلَطاً، وكأنه أراد أَنْ يقولَ: الضمير المرفوع في افتراه فَغَلِط.
قوله: ﴿ظُلْماً﴾ فيه أوجهٌ، أحدُها: أنَّه مفعولٌ به؛ لأنَّ "جاء" يتعدَّى بنفسِه وكذلك "أتى". والثاني: أنه على إسقاطِ الخافضِ أي: جاؤوا بظلمٍ. الثالث: أنه في موضعِ الحال، فيجيءُ فيه ما في قولك "جاء زيدٌ عَدْلاً" من الأوجه.
* ﴿ وَقَالُوااْ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ﴾
قوله: ﴿اكْتَتَبَهَا﴾: يجوز فيه ثلاثةُ أوجهٍ، أحُدها: أَنْ يكونَ حالاً من أساطيرُ، والعاملُ فيها معنى التنبيه، أو الإِشارةِ المقدورةِ؛ فإنَّ "أساطيرُ" خبرُ مبتدأ محذوفٍ، تقديرُه: هذه أساطيرُ الأَوَّلِين مُكْتَتَبَةً. والثاني: أن يكونَ في موضع خبرٍ ثانٍ لـ"هذه". والثالث: أَنْ يكونَ "أساطيرُ" مبتدأً و"اكْتَتَبها" خبرُه، واكْتَتَبها: الافتعالُ هنا يجوز أَنْ يكونَ بمعنى أَمَر بكتابتها كاقتصد واحتَجم، إذا أَمَر بذلك، ويجوز أَنْ يكونَ بمعنى كَتَبَها، وهو مِنْ جملةِ افترائِهم عليه لأنه [عليه السلام] كان أمِّيَّاً لا يَقْرأ ولا يَكْتب، ويكون كقولهم: اسْتَكَبَّه واصْطَبَّه أي: سكبه وصبَّه. والافتعالُ مُشْعِرٌ بالتكلُّفِ. ويجوز أَنْ يكونَ مِنْ كَتَبَ بمعنى جَمَعَ، من الكَتْبِ وهو الجَمْعُ، لا من الكتابة بالقلَم.
(١١/١٤٥)
---


الصفحة التالية
Icon