قوله: ﴿خَالِدِينَ﴾: منصوبٌ على الحالِ: إمَّا مِنْ فاعل "يَشاؤون" وإمَّا مِنْ فاعل "لهم" لوقوعِه خبراً. والعائدُ على "ما" محذوفٌ أي: لهم فيهنا الذي يَشاؤُونه حالَ كونِهم خالدين.
قوله: ﴿كَانَ عَلَى رَبِّكَ﴾ في اسمِ كان وجهان، أحدهما: أنه ضميرُ "ما يَشاؤون"، ذكره أبو البقاء. والثاني: أَنْ يعودَ على الوَعْدَ المفهومِ مِنء قولِه ﴿وُعِدَ الْمُتَّقُونَ﴾. و﴿مَّسْئُولاً﴾ على المجازِ أي: يُسْأَلُ: هل وُفِّي بك أم لا؟ أو يَسْأله مَنْ وُعِدَ به.
* ﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاَءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ ﴾
قوله: ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ﴾: قرأ ابنُ عامر "نَحْشُرهم" ِ"فنقول" بالنون فيهما. وابنُ كثير وحفصٌ بالياء مِنْ تحت فيهما. والباقون بالنونِ في الأولِ، وبالياءِ في الثاني. وهنَّ واضحاتٌ. وقرأ الأعرج "نَحْشِرُهم" بكسر الشين في جميع القرآن. قال ابن عطية: "هي قليلةٌ في الاستعمالِ قويةٌ في القياس؛ لأنَّ يَفْعِلِ بكسرِ العين في المتعدِّي أَقْيَسُ مِنْ يَفْعُل بضمِّ العين". وقال أبو الفضل الرازي: "وهو القياس في الأفعالِ الثلاثيةِ المتعديةِ؛ لأنَّ يَفْعُل بضهم العين قد يكونُ من اللازمِ الذي هون فَعُل بضمِّها في الماضي". قال الشيخ: "وليس كما ذكرا، بل فِعْلُ المتعدِّي الصحيحُ جميعُ حروفِه، إذا لم يكن للمغالبةِ ولا حلقيَّ عينٍ ولا لمٍ فإنه جاء على يَفْعِل ويَفْعُل كثيراً. فإنْ شُهرِ أحدُ الاستعمالين اتُّبعَ، وإلاَّ فالخيارُ. حتى إنَّ بعضَ أصحابِنا خَيَّر فيهما: سُمِعا للكلمة أو لم يُسْمَعا". قلت: الذي خَيَّرَ في ذلك هو أبنُ عصفور فيُجيزُ أَنْ تقولَ: "زيد يَفْعِل" بكسرِ العين، و"يَضْرُب" [بضمِّ] الراءِ مع سماعِ الضمِّ في الأول والكسرِ في الثاني. وسبَقَه إلى ذلك ابنُ درستويهِ، إلاَّ أنَّ النحامة على خلافِه.


الصفحة التالية
Icon