٣٥٠٦ـ..................... * كما شَرِقَتْ صَدْرُ القناةِ من الدمِ
الرابع: أنَّ الأعناقَ جمعُ عُنُق من الناس، وهم الجماعةُ، فليس المرادُ الجارحةَ البتة. ومن قولُه:
٣٥٠٧ـ أنَّ العراقَ وأهلَه * عُنُقٌ إليك فَهَيْتَ هَيْتا
قلت: وهذا قريبٌ مِنْ معنى الأولِ. إلاَّ أنَّ هذا القائلَ يُطْلِقُ الأعناقَ على جماعةِ الناسِ مطلقاً، رؤساءَ كانوا أو غيرَهم. الخامس: قال الزمخشري: "أصلُ الكلامِ: فظلًُّوا لها خاضعين، فَأُقْحِمَتِ الأعناقُ لبيانِ موضع الخضوع، وتُرِكَ الكلامُ على أصله، كقوله: ذهبَتْ أهلُ اليمامة، فكأن الأهلَ غيرُ مذكور". قلت: وفي التنظير بقولِه: ذهبَتْ أهلُ اليمامةِ" نظرٌ؛ لأنَّ "اهل" ليس مقحماً البتة؛ لأن المقصودُ بالحكم، وأمَّا التأنيثُ فلاكتسابِه التأنيثَ. السادس: أنها عُوْمِلَتْ معاملةَ العقلاءِ لَمَّا أُسْند إليهم ما يكونُ فِعْلَ العقلاءِ كقوله ﴿ساجدِين﴾ و﴿طائِعِين﴾ في يوسف والسجدة.
والثاني: أنه منصوبٌ على الحالِ من الضميرِ في "أعناقُهم" قاله الكسائي، وضَعَّفه أبو البقاء قال: "لأنِّ "خاضعين" يكون جارياً على غايرِ فاعلِ "ظَلَّتْ" فيَفْتَقِرُ إلى إبرازِ ضميرِ الفاعل، فكان يجبُ أَنْ يكونَ "خاضعين هم". قلت: ولم يَجْرِ "خاضعين" في اللفظِ والمعنى إلاَّ على مَنْ هو له، وهو الضمير في "أعناقُهم"، والمسألة التي قالها: هي أَْن يجريَ الوصفُ على غير مَنْ هو له في اللفظِ دونَ المعنى، فكيف يلزمُ ما ألْزَمه به؟ على أنه لو كان كذلك لم يَلْزَمْ ما قاله؛ لأنَّ الكسائيَّ والكوفيين لا يُوْجِبون إبرازَ الضميرِ في هذه المسألةِ إذ أُمِنَ اللَّبْسُ، فهو يَلْتَزِمُ ما ألزمه به، ولو ضَعَّفه بمجيءِ الحالِ من المضاف إليه لكان أقربَ. على أنه لا يَضْعُفُ لأنَّ المضافَ جزءٌ من المضافِ إليه كقوله: ﴿مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً
.
(١١/١٩١)
---


الصفحة التالية
Icon