قوله: ﴿وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلاَ يَنطَلِقُ﴾: الجمهورُ على الرفع. وفيه وجهان، أحدُهما: أنه مستأنفٌ، أخبر بذلك. والثاني: أنه معطوفٌ على خبر "إنَّ". وقرأ زيد بن علي وطلحة وعيسى والأعمش بالنصب فيهما. والأعرج بنصبِ الأولِ ورفعِ الثاني: فالنصبُ عطفٌ على صلة "أنْ" فتكونُ الأفعالُ الثلاثة: يُكَذِّبُونِ، ويَضيقُ، ولا يَنْطَلِقُ، دالخةً في حَيِّز الخوف. قال الزمخشري: "والفرقُ بينهما ـ أي الرفع والنصب ـ أن الرفعَ فيه يُفيد أن فيه ثلاثَ عللٍ: خوفَ التكذيبِ، وضيقِ الصدر، وامتناعَ انطلاقِ اللسانِ. والنصبُ: على أنَّ خَوْفَه متعلقٌ بهذه الثلاثة. فإنْ قلتَ: في النصبِ تعليقُ الخوفِ بالأمور الثلاثةِ. وفي جُملتها نفيُ انطلاقِ اللسانِ، وحقيقةُ الخوف إنماهي غَمٌّ يَلْحَقُ الإِنسانَ لأمرٍ سيقعُ، وذلك كان واقعاً، فكيف جازَ تعليقُ الخوفِ به؟ قلت: قد عَلَّقَ الخوفَ بتكذيبهم، وبما يَحْصُل له [بسببِه] من ضيقِ الصدرِ، والحَبْسَةُ في اللسانِ زائدةٌ على ما كان به. على أن تلك الحَبْسَةَ التي كانَتْ به زالَتْ بدعوتِه. وقيل: بَقيَتْ منها بقيةٌ يسيرةٌ. فإنْ قلت: اعتذارُك هذا يَرُدُّه الرفعُ؛ لأن المعنى: إني خائفٌ ضَيِّقُ الصدرِ غيرُ منطلقِ اللسانِ. قلت: يجوز أن يكونَ هذا قبلَ الدعوةِ واستجابتِها. ويجوز أَنْ يريدَ القَدْرَ اليسيرَ الذي بقي".
قوله: ﴿فَأَرْسِلْ﴾ أي: فأَرْسِلْ جبريلَ أو المَلَكَ، فحذف المفعولَ به.
* ﴿ قَالَ كَلاَّ فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَآ إِنَّا مَعَكُمْ مُّسْتَمِعُونَ ﴾
قوله: ﴿فَاذْهَبَا﴾: عطفٌ على ما دَلَّ عليه حرفُ الرَّدْعِ من الفعل. كأنه قيل: ارتدِعْ تظنُّ فاذهَبْ أنت وأخوكَ.
* ﴿ فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولاا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾
قوله: ﴿نَّا رَسُولُ﴾: إنما أَفْرد رسولاً: إمَّا لأنه مصدرٌ بمعنى رسالة، والمصدرُ يُوَحَّد. ومن مجيءِ "رسول" بمعنى رسالة قوله:
(١١/١٩٤)
---