قوله: ﴿هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ﴾: لا بُدَّ مِنْ محذوفٍ أي: يسمعون دعاءَكم، أو يَسْمَعُوْنكم تَدْعُون. فعلى التقديرِ الأولِ: هي متعديةٌ لواحدٍ اتفاقاً، وعلى الثاني: هي متعديةٌ لاثنين، قامَتِ الجملةُ المقدرَّةُ مَقام الثاني. وهو قولُ الفارِسيِّ. وعند غيرِه الجملةُ المقدَّرَةُ حالٌ. وقد تقدَّمَ تحقيقُ القولَيْن. وقرأ قتادة ويحيى بن يعمر بضمِّ الياءِ وكسرِ الميمِ، والمفعولُ الثاني محذوفٌ. أي: يُسْمِعُونَكم الجوابَ.
قوله: ﴿إِذْ تَدْعُونَ﴾ منصوبٌ بما قبلَه، فما قبله وما بعده ما ضيان معنىً، وإنْ كانا مستقبلَيْنِ لفظاً، لعملِ الأولِ في "إذ"، ولعَمَلِ "إذ" في الثاني. وقال بعضُهم: "إذ" هنا بمعنى إذا. وقال الزمخشري: "إنه على حكاية الحالِ الماضيةِ، ومعناه: اسْتَحْضِروا الأحوالَ [الماضيةَ] التي كنتم تدَّعُونها فيها، [وقولوا]: هل سَمِعُكم أو أَسْمَعُوا، وهو أبلغ في التَّبْكِيْتِ". و قد تقدَّم أنه قُرِىءَ بإدغامِ ذال "إذا" وإظهارِها في التاء. وقال ابنُ عطيةَ: ويجوز فيه قياسُ "مُدَّكِر" ونحوِه. ولم يَقْرَأْ به أحدٌ. والقياسُ أن يكون اللفظُ به "إدَّعْون" والذي مَنَعَ من هذه اللفظِ اتصالُ الدالِ الأصلية في الفعل، فكَثُرَتْ المتماثلاتُ" قلت: يَعْني فيكون اللفظُ بدالٍ مشددةٍ مهملةٍ ثم أبدالٍ ساكنةٍ مهملةٍ أيضاً".
(١١/٢٠٥)
---