قال الشيخ: "وهذا لا يَجُوز؛ لأنَّ هذا الإِبدالَ إنما هو في تاءِ الافتعالِ بعد الدالِ والذالِ والزايِ نحو: ادَّهَنَ وادَّكَرَ و ازْدَجَر، وبعد جيمٍ شذوذاً نحو: "اجْدمَعُوا" في "اجتمعوا"، أو في تاء الضميرِ بعد الدالِ والزايِ نحو "فُزْدُ" في "فُزْتُ" و"جَلَدَّ" في "جَلَدْتُ" أو تاء "تَوْلَج" قالوا فيها: "دَوْلج"، وتاء المضارعة ليس شيئاً مِمَّا ذَكر. وقله: "والذي مَنَعَ إلى آخرِه" يَقْتضي جوازَه لو لم يُوْجَدْ ما ذُكِر، فعلى مقتضى قولِه يجوز أَنْ تقولَ في إذْ تَخْرج: ادَّخْرُج، ولا يقول ذلك أحدٌ، بل يقولون: اتَّخْرُج، فيُدغمون الذالَ في التاءِ".
* ﴿ قَالُواْ بَلْ وَجَدْنَآ آبَآءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ﴾
قوله: ﴿كَذَلِكَ﴾: منصوبٌ بـ"يَفْعَلون" أي: يَفْعَلون مثللاَ فِعْلِنَا. ويَفْعَلُون في محلِّ نصبٍ مفعولاً ثانياً لـ"وَجَدْنا".
* ﴿ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِيا إِلاَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴾
قوله: ﴿عَدُوٌّ﴾: اللغةُ العاليةُ إفرادُ "عَدُوّ" وتذكيرُه. قال تعالى: ﴿هُمُ الْعَدُوُّ﴾. وإنما فُعِل به ذلك تَشْبيهاً بالمصادرِ نحو: الوَلُوع والقَبُول. وقد يُقال: أعداءٌ وعَدُوَّة. وقوله: ﴿عَدُوٌّ لِيا﴾ على أصلِه مِنْ غيرِ تقديرِ مضافٍ ولا قلبٍ. وقيل: الأصنامُ لا تُعادِي لأنها جَمادٌ، فالتقديرُ: فإنَّ عُبَّادَهم عدوُّ لي. وقيل: بل في الكلامِ قَلْبٌ، تقديرُه: فإنِّي عدوٌّ لهم، وهذان مرجوحان لاستقامةِ الكلامِ بدونِهما.
قوله: ﴿إِلاَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾ فيه وجهان، أحدُهما: أنَّه منقطعٌ أي: لكنْ ربُّ العالمين ليس بعدُوّ لي. وقال الجرجاني: "فيه تقديمٌ وتأخيرٌ أي: أفَرَأَيْتُمْ ما كنتم تَعْبُدُوْنَ أنتم وآباؤكم الأَقدمون، إلاَّ ربَّ العالمين فإنهم عدوٌّ لي، و"إلاَّ" بمعنى/ "دون" و"سوى". والثاني: أنه متصلٌ. وهو قول الزجاج؛ لأنهم كانوا يَعْبدون اللهَ تعالى والأصنامَ.
(١١/٢٠٦)
---