أي: ولم يَنْجُ بشيءٍ. الرابع: أنه بدلٌ مِنْ فاعلٍ "يَنْفَعُ" فيكون مرفوعاً. قال أبو البقاء: "وغَلَّبَ مَنْ يَعْقِلُ فيكون التقديرُ: إلاَّ مالُ مَنْ، أو بنو مَنْ فإنه ينفع نفسَه وغيرَه بالشفاعة".
قلت: وأبو البقاء خَلَط وجهاً بوجهٍ: وذلك أنه إذا أرَدْنا أن نجعلَه بدلاً من فاعل "ينفع" فلنا فيه طريقان، أحدهما: طريقةُ التغليب أي: غَلَّبْنا البنين على المالِ، فاستثنى من البنين، فكأنه قيل: لا ينفعُ البنونَ إلاَّ مَنْ أتى مِن البنين بقلبٍ سليم فإنه ينفع نفسَه بصلاحِه، وغيرَه بالشفاعةِ.
والطريقة الثانية: أَنْ تُقَدِّر مضافاً محذوفاً قبل "مَنْ" أي: إلاَّ مالُ مَنْ أو بنو مَنْ فصارَتِ الأوجُه خمسةً.
ووجَّه الزمخشريُّ اتصالَ الاستثناءِ، بوجهين، أحدُهما: إلاَّ حالَ مَنْ أتى اللهِ بقلبٍ سليمٍ، وهو مِنْ قوله:
٣٥٢١ـ...................... * تَحِيَّةُ بَيْنِهِمْ ضَرْبٌ وَجِيعُ
"وما ثوابُه إلاَّ السيفُ" ومثاله أن يقال: هل لزيدٍ مالٌ وبنون؟ فيقال: مالُه وبَنُوه سلامةُ قلبِه. تريد نَفْيَ المالِ والبنين عنه، وإثباتَ سلامةِ قلبِه بدلاً عن ذلك. والثاني ق ال: "وإن شِئْتَ حَمَلْتَ الكلامَ على المعنى وجَعَلْتَ المالَ والبنين في معنى الغِنَى، كأنه قيل: يومَ لا يَنْفع غِنَى إلاَّ غَنى مَنْ أتى؛ لأنَّ غِنى الرجلِ في دينِه بسلامةِ قلبِه، كما أنَّ غِناه في دنياه بمالِه وبنيه.".
* ﴿ وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ ﴾
قوله: ﴿وَبُرِّزَتِ﴾: قرأ مالك بن دينام "وَبَرَزَتْ" بفتح الباء والراء خفيفةً، مبنياً للفاعل، مسنداً للجحيم فلذلك رُفِعَ.
* ﴿ فَكُبْكِبُواْ فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ ﴾
(١١/٢٠٩)
---


الصفحة التالية
Icon