وقال الزمخشري: "وقوله: ﴿مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ﴾ مِنْ جنسِ الكلامِ الذي سَمَّاه المُحْدَثون بالبدِيع. وهو من محاسنِ الكلامِ الذي يتعلَّقُ باللفظِ، بشرطِ أَنْ يجيْءَ مطبوعاً، أو يصنَعه عالمٌ بجَوْهَرِ الكلامِ، يَحْفَظُ معه صحةَ المعنى وسَدادَه، ولقد جاء هنا زائداً على الصحةِ فَحَسُنَ وبَدُعَ لفظاً ومعنىً. وألا ترى أنه لو وُضِع مكان "بنَبأ" "بخبر" لكان المعنى صحيحاً، وهو كما جاء أصَحٌّ؛ لِما في النبأ من الزيادة التي يطابِقُها وصفُ الحال". يريد بالزيادة: أنَّ النبأ أخصُّ من الخبرِ؛ لأنه لا يُقال إلاَّ فيما له شَأْنٌ من الأخبارِ بخلافِ الخبرِ فإنه يُطْلَقُ على ماله شَأْنٌ، وعلى ما لا شأنَ له، فكلُّ نبأ خبرٌ مِنْ غيرِ عكسٍ. وبعضُهم يُعَبِّرُ عن نحوِ ﴿مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ﴾ في علم البديع بالتَّرْدِيد. قال صاحب "التحرير". وقال غيرُه: إنَّ الترِديدَ عبارةٌ عن رَدِّ أعجاز البيوت على صدورِها، أو رَدِّ كلمةٍ من النصفِ الأولِ إلى النصف الثاني. فمثالُ الأولِ قولُه:
٣٥٥٧ـ سَريعٌ إلى ابنِ العَمِّ يَلْطِمُ وَجْهَه * وليس إلى داعي الخَنا بسَريعِ
ومثالُ الثاني قولُه:
٣٥٥٨ـ والليالي إذا نَأَيْتُمْ طِوالٌ * والليالي إذا دَنَوْتُمْ قِصَارُ
(١١/٢٥٨)
---


الصفحة التالية
Icon