وقرأ ابن كثير في رواةٍ "مِنْ سَبَاً" مقصوراً منوَّناً. وعنه أيضاً: "مِنْ سَبْأَ" بسكون الباءِ وفتحِ الهمزةِ، جعله على فَعْل ومَنَعَه من الصرفِ لِما تقدَّم. وعن الأعمش "مِنْ سَبْءِ" بهمزةِ مكسورةٍ غير منونةٍ. وفيها إشكالٌ؛ إلا لا وجهَ للبناء، والذي يظهر لي أنَّ تنوينَها لا بدَّ أَنْ يُقْلَبَ ميماً وصلاً ضرورةَ ملاقاتِه للباء، والذي يظهر لي أنَّ تنونَها لا بدَّ أَنْ يُقْلَبَ ميماً وصلاً ضرورةَ ملاقاتِه للباء، فسمعها الراوي، فظنَّ أنه كَسَر مِنْ غيرِ تنوينٍ. ورُوِيَ عن أبي عمروٍ "مِنْ سَبَا" بالألفِ صريحةً كقولِهم: "تَفَرَّقُوا أَيْدِيْ سَبا". وكذلك قُرِىء "بنَباَ" ألفٍ خالصةٍ، وينبغي أَنْ يكونا لقارِىءٍ واحدٍ.
و"سَبَأ" في الأصلِ اسمُ رجلٍ مِنْ قَحْطانَ، واسمه عبد شمس، وسَبَأُ لقبٌ له. وإنما لُقِّبَ به لأنه أولُ مَنْ سَبى، وَوُلِدَ له عشرةُ أولادٍ، تيامَنَ ستةٌ وهم: حِمْيَرُ وكِنْدَةُ والأَزْدُ وأَشْعَرُ وَخَثْعَمُ وبُجَيْلَةُ، وتشاءَمَ أربعةٌ وهم: لَخْمٌ وجُذامُ وعامِلَةُ وغَسَّانُ.
* ﴿ إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ ﴾
قوله: ﴿وَأُوتِيَتْ﴾: يجوزُ أَنْ تكونَ معطوفةً على "تَمْلِكُهم". وجاز عَطْفُ الماضي على المضارع؛ لأنَّ المضارعَ بمعناه أي: مَلَكَتْهُمْ. ويجوز أَنْ يكونَ في محلِّ نصبٍ على الحالِ من مرفوعِ "تَمْلِكُهم"، و"قد" معها مضمرةٌ عند مَنْ يَرَى ذلك.
وقوله: ﴿مِن كُلِّ شَيْءٍ﴾ عامٌّ مخصوصٌ بالعَقْلِ لأنهعا لم تُؤْتَ ما أُوْتِيَه سُلَيْمانُ.
(١١/٢٥٩)
---