قوله: ﴿وَلَهَا عَرْشٌ﴾ يجوزُ أَنْ تكونَ هذه جملةً مستقلةً بنفسِها سِيْقَتْ للإِخبارِ بها، وأَنْ تكونَ معطوفةً على "أُوْتِيَتْ"، وأَنْ تكونَ حالاً مِنْ مرفوعِ "أُوْتِيَتْ". والأحسنُ أَنْ تُجْعَلَ الحالٌ الجارَّ، و"عَرْشٌ" مرفوعٌ به، وبعضُهم يَقِفُ على"عَرْشٌ"، ويَقْطَعُه عن نَعْتِه. قال الزمخشري: "ومِنْ نَوْكَى القُصَّاص مَنْ يقفُ على قولِه: ﴿وَلَهَا عَرْشٌ﴾ ثم يَبْتَدِىءُ "عظيمٌ وَجَدْتُها" يريد: أمرٌ عظيمٌ أَنْ وَجَدْتُها، فَرَّ مِنْ استعظامِ الهُدْهُدِ عرشَها فوقع في عظيمةٍ وهي مَسْخٌ كتابِ الله". قلت: النَّوْكَى: الحَمْقَى جمعَ أَنْوكِ. وهذا الذي ذكرَه مِنْ أَمْرِ الوقف نقله الدانيُّ عن نافعٍ، وقَرَّره، وأبو بكر بن الأنباري، ورفعه إلى بعضِ أهل العلمِ، فلا ينبغي أَنْ يُقال: "نَوْكَى القُصَّاص". وخرَّجه الدانيُّ على أَنْ يكونَ "عظيم" مبتدأ و"وَجَدْتُها" الخبرُ. وهذا خطأٌ كيف يُبْتدأ بنكرةٍ مِنْ غيرِ مُسَوِّغٍ، ويُخْبَرُ عنها بجملةٍ لا رابطَ بينها وبينَه؟ والإِعرابُ ما قاله الزمخشريُّ: مِنْ أنَّ عظيماً صفةٌ لمحذوفٍ خبراً مقدماً [و"وَجَدْتُها" مبتدأٌ مؤخرٌ مُقَدَّراً معه حرفٌ مصدريٌّ أي: أمرٌ عظيمٌ وُجْداني إياها وقومَها غيرَ عابدي اللهِ تعالى.
* ﴿ وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لاَ يَهْتَدُونَ ﴾
* ﴿أَلاَّ يَسْجُدُواْ للَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ﴾
قوله: ﴿وَجَدتُّهَا﴾: هي التي بمعنى لَقِيْتُ] وأَصَبْتُ/ فتتعدَّى لواحدٍ، فكيونُ "يَسْجُدون" حالاً مِنْ مفعولِهما وما عُطِفَ عليه.
(١١/٢٦٠)
---