* ﴿ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾
قوله: ﴿أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ﴾: قرأ الكوفيون بالفتح. والباقون بالكسر. فالفتح من أوجهٍ، أحدُهما: أَنْ يكونَ على حَذْفِ حرفِ الجرِّ؛ أي: لأَنَّا دَمَّرْناهم. و"كان" تامةٌ و"عاقبةٌ" فاعلٌ بها، و"كيفِ" حالٌ. الثاني: أَنْ يكمونَ بدلاً من "عاقبة" أي: كيف كان تدميرُنا إيَّاهم بمعنى: كيف حَدَثَ. الثالث: أَنْ يكونَ خبرَ مبتدأ محذوفٍ أي: هي أنَّا دَمَّرْناهم أي: العاقبةُ تدميرُنا إياهم. ويجوزُ مع هذه الأوجهِ الثلاثةِ أَنْ تكونَ "كان" ناقصةً، وتُجْعَلَ "كيف" خبرَها، فتصيرَ الأوجهُ ستةً: ثلاثةً مع تمام "كان" وثلاثةً مع نُقْصانها. ويُزاد مع الناقصة وجهُ أخر: وهو أَنْ تُجْعَلَ "عاقبة" اسمَها و"أنَّا دَمْرناهم" خبرَها و"كيف" حالٌ. فهذه سبعةُ أوجهٍ.
والثامن: أَنْ تكونَ "كان" "زائدةً، و"عاقبة" مبتدأٌ، وخبرُه "كيف" و"أنَّا دَمَّرْناهم" بدلٌ مِنْ "عاقبة" أو خبرُ مبتدأ مضمرٍ. وفيه تَعَسُّفٌ. التاسع: أنها على حَذْفِ الجارِّ أيضاً، إلاَّ أنه الباءُ أي: بأنَّا دمَّرْناهم، ذكره أبو البقاء. وليس بالقويِّ. العاشر: أنها بدل مِنْ "كيف" وهذا وَهْمٌ من قائِله لأنَّ المبدل من اسمِ الاستفهام يَلْزَمُ معه إعادةُ حرفِ الاستفهامِ نحو: "كم مالكُ أعشرون أم ثلاثون"؟ وقال مكي: "ويجوز في الكلام نصبُ "عاقبة"، ويُجْعَلُ "أنَّا دمَّرْناهم" اسمَ كان" انتهى. بل كان هذا هو الأرجحَ، كما كان النصبُ في قولِه "فما كان جوابَ قومه إلاَّ أَنْ قالوا" ونحوِه أرجحَ لِما تقدَّم مِنْ شَبَهِهِ بالمضمرِ لتأويلِه بالمصدرٍ، وقد تقدَّم تحقيقُ هذا.
(١١/٢٨٦)
---


الصفحة التالية
Icon