وكزيادةِ الباء في قولِه تعالى: ﴿وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ﴾ وعلى هذه الأوجهِ الوقفُ على "تَسْتَعجلون". والرابع: أنَّ فاعل "رَدِفَ" ضميرُ الوعدِ أي: رَدِفَ الوعدُ أي: قَرُبَ ودَنا مُقْتضاه. و"لكم" خبرٌ مقدمٌ و"بعضُ" مبتدأ مؤخرٌ. والوقفُ على هذا على "رَدِفَ" وهذا فيه تفكيكُ للكلامِ. والخامس: أنَّ الفعلَ محمولٌ على مصدرِه أي: الرَّدافةُ لكم، و"بعضُ" على تقديرِ: رَدافةِ بعضٍ، يعني حتى يتطابقَ الخبرُ والمخبرُ عنه. وهذا أضعفُ مِمَّا قبله.
وقرأ الأعرج "رَدَفَ" بفتح الدال وهي لغةٌ، والكسر أشهرُ.
* ﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَاكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ ﴾
قوله: ﴿لاَ يَشْكُرُونَ﴾: يجوز أن يكونَ مفعولُه محذوفاً أي: لا يشكرون نِعَمَه. ويجوزُ أَنْ لا يُقَدَّرَ؛ بمعنى: لا يعترفون بنعمهِ، فعبَّر عن انتفاءِ مَعْرِفتِهم بالنعمةِ بانتفاءِ ما يترتَّبُ على معرفتِها وهو الشكرُ.
* ﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾
قوله: ﴿مَا تُكِنُّ﴾: العامَّةُ على ضمِّ تاءٍ المضارعةِ، مِنْ أَكَنَّ. قال تعالى: ﴿أَوْ أَكْنَنتُمْ﴾. وابن محيصن وابن السَّمَيفع وحُمَيْد بتفحها وضمِّ الكاف. يقال: كَنَنْتُه وأكْنَنْتُه، بمعنى: أَخْفَيْتُ وسَتَرْتُ.
* ﴿ وَمَا مِنْ غَآئِبَةٍ فِي السَّمَآءِ وَالأَرْضِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ﴾
قوله: ﴿وَمَا مِنْ غَآئِبَةٍ﴾: في هذه التاءِ قولان، أحدُهما: أنها للمبالغةِ كراوِيَة وعَلاَّمة. والثاني: أنها كالتاءِ الداخلةِ على المصادرِ نحو: العاقِبَة والعافِيَة. قال الزمخشري: "ونظيرُهما: الذَّبيحةُ والنَّطيحةُ والرَّمْيَةُ في أنها أسماءُ غيرُ صفاتٍ".
* ﴿ إِن رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُم بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ ﴾
(١١/٢٩٧)
---


الصفحة التالية
Icon