وأمَّا الكسرُ على الاستئناف. ثم هو محتمِلٌ لأَنْ يكونَ من كلامِ الكلهِ تعالى وهو الظاهرُ، وأَنْ يكونَ من كلامِ الدابَّةِ، فيُعَكِّرَ عليه "بآياتنا". ويُجاب عنه: إمَّا باختصاصِها، صَحَّ إضافةُ الآياتِ إليها، كقولِ أتباعِ الملوكِ: دوابُّنا وخَيْلُنا، وهي لِمَلِكهم، وإمَّا على حَذْفِ مضافٍ أي: بآيات ربِّنا. وتُكَلِّمهم إنْ كان من الحديثِ فيجوزُ أَنْ يكونَ: إمَّا لإجراءءِ "تُكَلِّمُهم" مُجْرى تقولُ لهم، وإمَّا على إضمارِ القولِ أي: فتقول كذا. وهذا القولُ تفيسرٌ لـ"تُكَلِّمُهم".
* ﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ ﴾
قوله: ﴿مِن كُلِّ أُمَّةٍ﴾: يجوزُ أَنْ يكونَ متعلِّقاً بالحشر، و"مِنْ" لابتداءِ الغاية، وأَنْ يتعلَّقَ بمحذوفٍ على أنه حالٌ مِنْ "فَوْجاً"؛ لأن يجوزُ أن يكونَ صفةً له في الأصل. والفَوْجُ: الجماعمة كالقوم، وقيَّدهم الراغبُ فقال: الجماعةُ المارَّةُ المسرعةُ" وكأنَّ هذا هو الأصلُ ثم أُطْلِقَ، وإنْ لم يكُن مرورٌ ولا إسراعٌ. والجمعُ: أفواجٌ وفُؤُوج. و"مِمَّنْ يُكَذِّبُ" صفةٌ له. و"ِمنْ" في "مِنْ كلِّ" تبعيضيةٌ، وفي "مِمَّن يُكَّذِّبُ" تَبييينَّة.
* ﴿ حَتَّى إِذَا جَآءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُواْ بِهَا عِلْماً أَمَّا ذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾
والواو في "ولم تُحِيْطُوا" يجوزُ أَنْ تكونَ العاطفةَ، وأن تكونَ الحاليَّةَ. و"عِلْماً" تمييزُ.
قوله: "أَمْ ماذا": "أم" هنا منقطعةٌ. وتقدَّم حكمُها و"ماذا" يجوز أَنْ يكونَ برُمَّتِه استفهاماً منصوباً بـ"تَعْمَلون" الواقعِ خبراً عن "كنتم"، وأَنْ تكونَ "ما" استفهاميةً مبتدأً، و"ذا" موصولٌ خبرُه، والصلةُ "كنتمُ تعملون"، وعائدُه محذوفٌ أي: أيَّ شيءٍ الذي كنتم تَعْملونه.
(١١/٣٠٠)
---