* ﴿ وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِيا أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ﴾
قوله: ﴿تَحْسَبُهَا جَامِدَةً﴾: هذه الجملةُ حاليةٌ مِنْ فاعلِ "تَرَى"، أو مِنْ مفعولهِ؛ لأنَّ الرؤيةَ بَصَريةٌ.
قوله: ﴿وَهِيَ تَمُرُّ﴾ الجملةُ حاليةٌ أيضاً. وهكذا الأجرامُ العظيمةٌ تراها واقفةً وهي مارَّة. قال النابغةُ الجعديُّ يصف جيشاً كثيفاً.
٣٥٨٣ـ بأَرْعَنَ مثلِ الطَّوْدِ تَحْسَبُ أنَّهم * وُقوفٌ لِحاجٍ والرِّكابُ تُهَمْلِجُ
و"مرَّ السَّحابِ" مصدرٌ تشبيهيٌّ.
قوله: ﴿صُنْعَ اللَّهِ﴾ مصدرٌ مؤكِّدٌ لمضمونِ الجملةِ السابقةِ. عاملُه مضمرٌ. أي: صَنَعَ اللهُ ذلك صُنْعاً، ثم أُضِيف بعد حَذْفِ عامِله. وجعلَه الزمخشريُّ مؤكِّداً للعاملِ في ﴿يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ﴾ وقَدَّره "ويومَ يُنْفَخُ" وكان كيتَ وكيتَ أثابَ اللهُ المحسنين، وعاقَبَ المسيئين، في كلامٍ طويلٍ حَوْماً على مذهبه. وقيل: منصوبٌ على الإِغراء أي: انظروا صُنْعَ اللهِ وعليكم به.
والإِتْقانُ: الإِتيانُ بالشيءِ على أكملِ حالاتِه. وهو مِنْ قولِهم "تَقَّن أَرْضَه" إذا ساقَ إليه الماءَ الخاثِرَ بالطينِ لتَصْلُحَ لِلزراعة. وأرضٌ تَقْتَنةٌ. والتَّقْنُ: فِعْلُ ذلك بها، والتقْنُ أيضاً: ما رُمِيَ به في الغدير من ذلك الأرض.
قوله: ﴿بِمَا تَفْعَلُونَ﴾ قرأ ابنُ كثير وأبو عمروٍ وهشام بالغَيْبة جرْياً على قولِه: "وكلٌّ أَتَوْهُ". والبقاون بالخطاب جَرْياً على قولِه: "وتَرى" لأنَّ المرادَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأمَّتُه.
* ﴿ مَن جَآءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُمْ مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ ﴾
(١١/٣٠٢)
---