قوله: ﴿فَارِغاً﴾: خبرُ "أصبحَ" أي: فارغاً من العقلِ، أو من الصبرِ، أو من الحُزْن. وهو أبعدُها. ويَرُدُّه قراءاتُ تُخالِفهُ: فقرأ فضالةُ والحسنُ "فَزِعاً" بالزاي، مِنَ الفزعِ. وابن عباس "قَرِعاً" بالقافِ وكسرِ الراء وسكونِها، مِنْ قَرِِعَ رأسُه: إذا انحسَرَ شعرُه. والمعنى: خلا مِنْ كلِّ شيء، وانحسَر عنه كلُّ شيءٍ، إلاَّ ذِكْرَ موسى. وقيل: الساكنُ الراءِ مصدرُ قَرَعَ يَقْرَعُ أي: أصيب. وقُرِىء "فِرْغاً" بكسر الفاءِ وسكونِ الراء. والغينِ معجمةً، أي: هَدْراً. كقوله:
٣٥٨٥ـ فإنْ يَكُ قَتْلى قد أُصيبَتْ نفوسُهُمْ * فلَنْ يَذْهبُوا فَرْغاً بقَتْلِ حِبالِ
"فَرْغاً" حالٌ مِنْ "بِقَتْلِ". وقرأ الخليلُ "فُرُغاً" بضم الفاء والراء وإعجامِ الغين، من هذا المعنى.
قوله: ﴿إِن كَادَتْ لَتُبْدِي﴾ "إنْ": إمَّا مخففةٌ، وإمَّا نافيةٌ. واللامُ: إمَّا فارقةٌ، وإمَّا بمعنى إلاَّ.
قوله: ﴿لَوْلاا أَن رَّبَطْنَا﴾ جوابُها محذوفٌ أي: لأَبْدَتْ، كقولِه: ﴿وَهَمَّ بِهَا لَوْلاا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ﴾. و﴿لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ متعلقٌ بـ"رَبَطْنا". والباء في "به" مزيدةٌ في المفعولِ أي: لِتُظْهِرَه وقيلأ: ليسَتْ زائدةً بل سببيةٌ. والمفعولٌ محذوفٌ أي: لَتُبْديْ القولَ بسببِ موسى أو بسببِ الوَحْي. فالضميرُ يجوزُ عَوْدُه على موسى أوعلى الوحي.
* ﴿ وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ ﴾
قوله: ﴿قُصِّيهِ﴾: أي: قُصِّي أثرَه أي: تَتَبَّعيه.
قوله: ﴿فَبَصُرَتْ﴾ أي: أَبْصَرَتْه، وقرأ قتادةُ "بَصَرَتْ" بفتح الصاد. وعيسى بكسرِها. وتقدَّم معناه في طه.
(١١/٣٠٨)
---


الصفحة التالية
Icon