قوله: ﴿عَن جُنُبٍ﴾ في موضعِ الحال: إمَّا مِنَ الفاعلِ أي: بَصُرَتْ به مُسْتَخْفِيَةً كانئةً عن جُنُبٍ، وإمَّا مِن المجرورِ، أي: بعيداً منها. وقرأ العامَّةُ "جُنُبٍ" بضمتين وهو صفةٌ لمحذوفٍ. أي: مِنْ مكان بعيد. وقال أبو عمرو ابن العلاء: "أي: عن شوق"، وهي لغةُ جُذام يقولون: جَنِبْتُ إليك أي: اشْتَقْتُ. وقرأ قتادة والحسن والأعرج وزيد بن علي بفتح الجيمِ وسكونِ النونِ، وعن قتادةَ أيضاً بفتحهما. وعن الحسن "جُنْبِ" بالضم والسكونِ. وعن سالم "عن جانبٍ" وكلُّها بمعنى واحد. ومثلُه: الجَنَابُ والجَنابَة.
قوله: ﴿وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ﴾ جملةٌ حاليةٌ، ومتعلَّق الشعورِ محذوفٌ أي: أنها تَقُصُّه، أو أنه سيكونُ لهم عَدُوَّاً وحَزَناً.
* ﴿ وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ ﴾
قوله: ﴿الْمَرَاضِعَ﴾: قيل: يجوزُ أَنْ تكونَ جمعغَ مُرْضِع، وهي المرأة.
وقيل: جمعُ "مَرْضَعْ" بفتح الميمِ والضاد. ثم جَوَّزوا فيه أَنْ يكونَ مكاناً أي: مكان الإِرضاع وهو الثَّدْيُ، وأَنْ يكونَ مصدراً أي: الإِرْضاعاتِ أي: أنواعَها.
قوله: ﴿مِن قَبْلُ﴾ أي: مِنْ قبلِ قَصِّها أثرَه.
قوله: ﴿وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ﴾ الظاهرُ أنه ضميرُ موسى. وقيل: لفرعون. ومن طريف ما يُحْكى: أنها لَمَّا قالَتْ لهم ذلك استنكروا حالَها وتفرَّسوا أها قَرابَتُه. فقالَتْ: إنما أردْتُ: وهم للمَلِكِ ناصحون. فتخلَّصَتْ منهم. قاله ابن جريج. قلت: وهذا يُسَمَّى عند أهلِ البيانِ "الكلامَ المُوَجَّه" ومثلُه لَمَّا سُئل بعضُهم وكان بين أقوامٍ، بعضُهم يُحِبُّ عليَّاً جونَ غيرِه، وبعضُهم أبا بكر، وبعضُهم عمرَ، وبعضُهم عثمانَ، فقيل له: أيُّهم أحبُّ إلى رسول الله؟ فقال: مَنْ كانت انبتُه تحته.
(١١/٣٠٩)
---


الصفحة التالية
Icon