قوله: ﴿يُصْدِرَ﴾ قرأ أبو عمروٍ وابنُ عامرٍ بفتح الياءِ وضمِّ الدالِ مِنْ صَدَرَ يَصْدُر وهو قاصرٌ أي: يَصْدُرون بمواشِيهم. والباقون بضمِّ الياءِ وكسرِ الدالِ مضارعَ أَصْدَرَ مُعَدَّى بالهمزةِ، والمفعولُ محذوفٌ أي: يُصْدِرون مواشِيَهم. والعامَّةُ على كسرِ الراءِ من الرِّعاء" وهو جمعُ تكسيرٍ غيرُ مَقيس؛ لأنَّ فاعِلاً الوصفَ المعتلَّ اللامِ كقاضٍ قياسُه فُعَلَة نحو: قُضَاة ورُمَاة. وقال الزمخشري: "وأما الرِّعاء بالكسرِ فيقاسُ كصِيامٍ وقِيامٍ" وليس كما ذَكَر لما ذَكَرْتُه.
وقرأ أبو عمروٍ في روايةٍ بفتحِ الراءِ. قال أبو الفضل: "هو مصدرٌ أُقيم مُقامَ الصفةِ؛ لذلك استوى فيه الواحدُ والجمعُ"، أو على حَذْفِ مضافٍ. وقُرِىء بضمِّها وهو اسمُ جمعٍ كـ رُخَال، وثُناء.
وقرأ ابن مصرف "لا نُسْقي" بضمِّ النونِ مِنْ أَسْقَى، وقد تقدَّم الفرقُ بين سَقَى وِأَسْقى في النحل.
* ﴿ فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَآ أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ﴾
قوله: ﴿فَسَقَى لَهُمَا﴾: مفعولُه محذوفٌ أي: غَنَمَهما لأجلِهما.
قوله: ﴿لِمَآ أَنزَلْتَ﴾" متعلقٌ بـ"فقيرٌ". قال الزمخشري: "عَدَّى "فقيرٌ" باللام لأنه ضُمِّن معنى سائلٌ وطالبٌ. ويُحتمل: إني فقيرٌ من الدنيا لأجلِ ما أَنْزَلْتَ إليَّ من خيرِ الدين، وهو النجاةُ من الظالمين.
قتل: يعني أنَّ افْتَقَرَ يتعدَّى بـ"مِنْ"، فِإمَّا أن تجعلَه من بابِ التضمين، وإمَّا أَنْ تُعَلِّقَه بمحذوفٍ. و"أَنْزَلْتَ" قيل: ماضٍ على أصلِه. ويعني بالخيرِ ما تقدَّم مِنْ خيرِ الدين. وقيل: بمعنى المستقبل.
* ﴿ فَجَآءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَآءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَآءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لاَ تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾
(١١/٣١٥)
---