والصل في هاء الكناية الضمُّ، فإنْ تقدَّمها ياءٌ ساكنة أو كسرة كسرها غيرُ الحجازيين، نحو: عَلَيْهِم وفيهم وبهم، والمشهورُ في ميمها السكونُ قبل متحرك والكسرُ قبل ساكنٍ، هذا إذا كَسَرْتَ الهاءَ، أمّا إذا ضَمَمْتَ فالكسرُ ممتنعٌ إلى في ضرورة كقوله: "وفيهُمِ الحكلم" بكسر الميم.
وفي "عليهم" عشر لغات قُرئ ببعضها: عليهِم الهاء وضمِّها مع سكون الميم، عليهِمي، عَلَيْهُمُ، عليهِمُو: بكسر الهاء وضم الميم بزيادة الواو، عليهُمي بضم الهاء وزيادة ياء بعد الميم أو باكسر فقط، عليِهمُ بكسر الهاء وضم الميم، ذكر أبو بكر ابن الأنباري.
و "غيرِ" بدلٌ من "الذين" بدلُ نكرة من معرفة، وقيل: نعتٌ للذين وهو مشكلٌ لأن "غير" نكرةٌ و "الذين" معرفةٌ، وأجابوا عنه بجوابين: أحدهما: أن "غير" إنما يكون نكرةً إذا لم يقع بين ضدين، فأمَّا إذا وقع بين ضدين فقد انحصرت الغَيْريَّةُ فيتعرَّفُ "غير" حينئذٍ بالإضافة، تقول: مررتُ بالحركة غير "السكون" والآيةُ من هذا القبيل، وهذا إنما يتمشَّى على مذهب ابن السراج وهو مرجوح. والثاني: أن الموصولَ أَشْبَهَ النكرات في الإبهام الذي فيه فعومل معاملةَ النكراتِ، وقيل: إنَّ "غير" بدلٌ من الضمير المجرور في "عليهم"، وهذا يُشْكِلُ على قول مَنْ يرى أن البدلَ يَحِلُّ محلَّ المبدل منه، ويُنوَى بالأول الطرحُ، إذ يلزم منه خَلوُّ الصلة من العائدِ، ألا ترى أنَّ التقديرَ يصير: صراطَ الذين أنعمت على غيرِ المغضوبِ عليهم.
و "المغضوب": خفضٌ بالإضافةِ، وهو اسمُ مفعول، والقائمُ مقامَ الفاعلِ الجارُّ والمجرور، فـ "عَليهم" الأولى منصوبةُ المحلِّ والثانيةُ مرفوعتُه، وأَلْ فيه موصولةٌ والتقديرُ: غيرِ الذين غُضِبَ عليهم. والصحيحُ في ألْ الموصولة أنها اسمٌ لا حرفٌ.
(١/٤٦)
---