قوله: "وأَعَدَّ" يجوزُ فيه وجهان، أحدهما: أَنْ يكونَ معطوفاً على ما دَلَّ عليه "ليَسْألَ الصادقين"؛ إذ التقديرُ: فأثاب الصادقين وأعَدَّ للكافرين. والثاني: أنه معطوفٌ على "أَخَذْنا" لأنَّ المعنى: أنَّ اللَّهَ تعالى أكَّدَ على الأنبياءِ الدعوةَ إلى دينه لإِثابة المؤمنين وأعَدَّ للكافرين. وقيل: إنه قد حَذَفَ من الثاني ما أثبت مقابلَه في الأول، ومن الأولِ ما أثبتَ مقابلَه في الثاني. والتقدير: ليسألَ الصادقينِ عن صِدْقِهم فأثابهم، ويَسْألَ الكافرين عَمَّا أجابوا به رُسُلَهم، وأعَدَّ لهم عذاباً أليماً.
* ﴿ ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَآءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً ﴾
قوله: ﴿إِذْ جَآءَتْكُمْ﴾: يجوزُ أَنْ يكونَ منصوباً بـ "نعمةَ" أي: النعمة الواقعة في ذلك الوقتِ. ويجوز أَنْ يكونَ منصوباً بـ اذكروا على أَنْ يكونَ بدلاً مِنْ "نعمة" بدلَ اشتمال.
* ﴿ إِذْ جَآءُوكُمْ مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَاْ ﴾
قوله: ﴿إِذْ جَآءُوكُمْ﴾: بدلٌ من "إذ" الأولى. وقرأ الحسنُ "الجَنود" بفتح الجيم. والعامَّةُ بضمِّها. و"جنوداً" عطفٌ على "ريحاً". و"لم تَرَوْها" صفةٌ لهم. ورُوِي عن أبي عمرو وأبي بكرة "لم يَرَوْها" بياءِ الغَيْبة.
قوله: "الحَناجرَ" جمع حَنْجَرة وهي رأسُ الغَلْصَمَة، والغَلْصَمَةُ مُنتهى الحُلْقوم، والحُلْقُوْمُ مَجْرى الطعامِ والشرابِ. وقيل: الحُلْقُوم مَجْرى النَّفَس، والمَرِي: مَجْرى الطعام والشراب وهو تحت الحُلْقوم. وقال الراغب: "رأسُ الغَلْصَمَة من خارج".
(١٢/٢١)
---