وقوله: "الظنونا" قرأ نافع وابنُ عامر وأبو بكر بإثبات ألفٍ بعد نون "الظُّنونا" ولامِ "الرسول" في قوله: ﴿وَأَطَعْنَا الرَّسُولاَ﴾ ولام "السَّبيل" في قوله: ﴿فَأَضَلُّونَا السَّبِيلاْ﴾ وَصْلاً ووَقْفاً موافقةً للرسمِ؛ لأنهنَّ رُسِمْنَ في المصحف كذلك. وأيضاً فإنَّ هذه الألفَ تُشْبه هاءَ السكتِ لبيانِ الحركة، وهاءُ السكتِ تَثْبُتُ وقفاً، للحاجة إليها. وقد ثَبَتَتْ وصلاً إجراءً للوصل مُجْرى الوقف كما تقدَّم في البقرة والأنعام. فكذلك هذه الألفُ. وقرأ أبو عمروٍ وحمزةُ بحَذْفِها في الحالَيْن؛ لأنها لا أصلَ لها. وقولُهم: "أُجْرِيَتْ الفواصلُ مُجْرى القوافي" غيرُ مُعْتَدٍّ به؛ لأنَّ القوافي يَلزَمُ الوقفُ عليها غالباً، والفواصلُ لا يَلْزَمُ ذلك فيها فلا تُشَبَّهُ بها. والباقون بإثباتِها وَقْفاً وحَذْفِها وَصْلاً إجراءً للفواصلُ مُجْرى القوافي في ثبوتِ ألفِ الإِطلاق كقولِه:
٣٦٧٦- اسْتأثَرَ اللَّهُ بالوفاءِ وبالـ * ـعَدْلِ ووَلَّى المَلامَةَ الرَّجُلا
وقوله:
٣٦٧٧- أقِلِّي اللومَ عاذلَ والعِتابا * وقُولي إن أَصَبْتُ لقد أصابا
ولأنها كهاءِ السكت، وهي تَثْبُتُ وقفاً وتُخَفَّفُ وصلاً. قلت: كذا يقولون تشبيهاً للفواصلِ بالقوافي، وأنا لا أحب هذه العبارةَ فإنها مُنْكَرَة لفظاً ولا خلافَ في قوله: ﴿وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ أنه بغيرِ ألفٍ في الحالين.
قوله: "هنالك" منصوبٌ بـ "ابْتُلِيَ" وقيل: بـ "تَظُنُّون". واسْتَضْعَفَه ابنُ عطية. وفيه وجهان، أظهرهما: أنه ظرفُ مكانٍ/ بعيدٍ أي: في ذلك المكان الدَّحْضِ وهو الخندقُ. الثاني: أنه ظرفُ زمانٍ، وأنشد بعضُهُم على ذلك:
٣٦٧٨- وإذا الأمورُ تَعاظَمَتْ وتشاكَلَتْ * فهناك يَعْتَرفون أين المَفْزَعُ
(١٢/٢٢)
---