٨٥- أبَى جودُه لا البخلَ واستعجلتْ نَعَمْ * به مِنْ فتىً لا يمنعُ الجودَ نائِلُه
فـ "لا" في هذه المواضع صلةٌ. وفي هذا الجواب نظرٌ، لأن الفراء لَمْ يَقُلْ إنها غيرُ زائدة، فقولُهم: إن "لا" زائدةٌ في هذه الآية وتنظيرهُم لها بالمواضع المقتدمة لا يفيد/، وإنما تحريرُ الجواب أن يقولوا: وُجِدَتْ "لا" زائدةً من غير تقدُّم نفي كهذه المواضعِ المتقدمة لا يفيد/، وإنما تحريرُ الجواب أن يقولوا: وُجِدَتْ "لا" زائدةً من غير تقدُّم نفي كهذه المواضعِ المتقدمة. وتحتملُ أن تكونَ "لا" في قوله: "لا البخلَ" مفعولاً به لـ "أبى"، ويكونَ نصبُ "البخلَ" على أنه بدلٌ من "لا"، أي أبى جودُه قولَ لا، وقولُ لا هو البخلُ، ويؤيِّدُ هذا قولُه: "واستعجَلَتْ به نَعَمْ" فَجَعَلَ "نَعَم" فاعلَ "استعجَلَتْ"، فهو من الإسناد اللفظي، أي أبى جودُه هذا اللفظ، واستعجل به هذا اللفظُ.
وقيل: إنَّ نَصْبَ "غيرَ" بإضمار أعني، ويُحكى عن الخليل. وقدَّر بعضُهم بعد "غير" محذوفاً، قال: التقديرُ: غيرَ صراطِ المغضوبِ، وأَطْلَقَ هذا التقديرَ، فلم بقيِّدْه بجرِّ "غير" ولا نصبِه، ولا يتأتَّى إلا مع نصبها، وتكون صفةً لقوله: ﴿الصّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾، وهذا ضعيفٌ، لأنه متى اجتمع البدلُ والوصفُ قُدِّم الوصفُ، فالأوْلَى أن يكون صفةً لـ "صراطَ الذين" ويجوز أن تكونَ بدلاً من ﴿الصّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ أو من ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ﴾ إلا أنه يلزم منه تكرارُ البدل، وفي جوازِه نظرٌ، وليس في المسألة نقلٌ، إلا أنهم قد ذكروا ذلك في بدلِ البَداء خاصة، أو حالاً من "الصراط" الأول أو الثاني... واعلم أنه حيث جَعَلْنَا "غير" صفةً فلا بد من القول بتعريق "غير" أو بإبهامِ الموصوف وجريانه مَجْرى النكرةِ، كما تقدَّم تقريرُ ذلك في القراءة بجرِّ "غير".
(١/٤٨)
---


الصفحة التالية
Icon