و "لا" في قوله: ﴿وَلاَ الضَّآلِّينَ﴾ زائدةٌ لتأكيد معنى النفي المفهومِ من "غير" لئلا يُتَوَهَّم عَطْفُ "الضالِّين" على ﴿الَّذِينَ أَنْعَمْتَ﴾ وقال الكوفيون: هي بمعنى "غير"، وهذا قريبٌ من كونها زائدةً، فإنه لو صُرِّح بـ "غير" كانَتْ للتأكيد أيضاً، وقد قرأ بذلك عمر بن الخطاب.
و "الضَّالين" مجرورٌ عطفاً على "المغضوب"، وقُرِئَ شاذاً: الضَّأَلِّين بهمز الألف، وأنشدوا:
٨٦- وللأرضِ أمَّا سُودُها فَتَجلَّلَتْ * بياضاً وأمَّا بِيضُها فادْهََمَّتِ
قال أبو القاسم الزمخشري: "فعلوا ذلك للجَدّ في الهرب من التقاء الساكنين" انتهى وقد فعلوا ذلك حيث لا ساكنان، قال الشاعر:
٨٧- فخِنْدِفٌ هامةُ هذا العَألَمِ *.....................................
بهمز "العَأْلَمِ" وقال آخر:
٨٨- ولَّى نَعامُ بني صفوانَ زًوْزَأَةً *...................................
بهمز ألف "زَوْزأة"، والظاهر أنها لغةٌ مُطَّردةٌ، فإنهم قالوا في قراءة ابن ذكوان: "مِنْسَأْتَه" بهمز ساكنة: إن أصلَها ألفٌ فقُلِبَتْ همزةً ساكنةً.
فإن قيل: لِمَ أتى بصلة الذين فعلاً ماضياً ؟ قيلٍ : لِيَدُلَّ ذلِك على ثبوتِ إنعام الله عليهم وتحقيقه لهم، وأتى بصلة أل اسماً ليشمل سائرَ الأزمانِ، وجاء به كبنياً للمفعول تَحْسِيناً للفظ ؛ لأنَّ مَنْ طُلِبتْ منه الهدايةُ ونُسِب الإنعامُ إليه لا يناسِبُه نسبةُ الغضبِ إليه، وترفُّق لطلبِ الإحسانِ، فلا يُحْسُنُ مواجَهَتُه بصفةِ الانتقام.
والإنعام: إيصالُ الإحسان إلى الغير، ولا يُقال إلا إذا كان الموصَلُ إليه الإحسانُ من العقلاءِ، فلا يقال: أَنْعم فلانٌ على فرسِه ولا حماره.
(١/٤٩)
---


الصفحة التالية
Icon