قال: "ويكونُ موضعُ "مِنْ حين مناصٍ" رفعاً على أنه اسم لات بمعنى ليس، كما تقولُ: ليس من رجلٍ قائماً، والخبرُ محذوفٌ، وعلى هذا قولُ سيبويه. وعلى أنه مبتدأٌ والخبرُ محذوفٌ على قولِ الأخفشِ. وخَرَّج الأخفشُ "ولاتَ أَوانٍ" على حَذْفِ مضافٍ، يعني: أنه حُذِفَ المضافُ وبقي المضافُ إليه مجروراً على ما كان. والأصلُ: ولات حينُ أوانٍ.
وقد رَدَّ هذا الوجهَ مكيٌّ: بأنه كان ينبغي أَنْ يقومَ المضافُ إليه مَقامَه في الإِعراب فيُرفعَ. قلت: قد جاء بقاءُ المضافِ إليه على جَرِّه. وهو قسمان: قليلٌ وكثيرٌ. فالكثيرُ أَنْ يكونَ في اللفظ مِثْلُ المضاف نحو:
٣٨٤٧- أكلَّ امرِىءٍ تَحْسَبين امرَأً * ونارٍ تَوَقَّدُ بالليلِ نارا
أي: وكلَّ نارٍ. والقليلُ أَنْ لا يكونَ كقراءة مَنْ قرأ ﴿وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةِ﴾ بجر "الآخرةِ" فليكنْ هذا منه. على أنَّ المبردَ رواه بالرفعِ على إقامتِه مُقامَ المضافِ.
وقال الزجَّاج: "الأصل: ولات أواننا، فحُذِفَ المضافُ إليه فوجَبَ أَنْ لا يُعْرَبَ، وكسرُه لالتقاءِ الساكنين". قال الشيخ: "هذا هو الوجهُ الذي قرَّره الزمخشريُّ، أَخَذَه من أبي إسحاقَ" قلت: يعني الوجهَ الأولَ، وهو قولُه: ولاتَ أوان صلحٍ. هذا ما يتعلَّقُ بجرِّ "حين".
وأمَّا كسرُ تاءِ "لات" فعلى أصلِ التقاءِ الساكنين كـ جَيْرِ، إلاَّ أنه لا تُعْرف تاءُ تأنيثٍ إلاَّ مفتوحةً.
(١٢/٢٣٥)
---


الصفحة التالية
Icon