قوله: "خَصْمان" خبرُ مبتدأ مضمرٍ أي: نحن خَصْمان؛ ولذلك جاء بقولِه: "بَعْضُنا". ومَنْ قرأ "بعضهم" بالغَيْبة يُجَوِّز أن يُقَدِّرَه كذلك، ويكون قد راعى لفظَ "خَصْمان"، ويُجَوِّزُ أنْ يُقَدِّرَ هم خصمان ليتطابَقَ. ورُوِي عن الكسائي "خِصْمان" بكسر الخاء. وقد تقدَّم أنه قرأها كذلك في الحج.
قوله: "بَغَى بَعْضُنا" جملةٌ يجوزُ أَنْ تكون مُفَسِّرَةً لحالِهم، وأن تكونَ خبراً ثانياً.
قوله: "ولا تُشْطِطْ" العامَّةُ على ضَمِّ التاء وسكونِ الشينِ وكسرِ الطاءِ الأولى مِنْ أشْطَطَ يُشْطِطُ إذا تجاوز الحقَّ. قال أبو عبيدة: "شَطَطْتُ في الحُكْمِ؛ وأَشْطَطْتُ فيه، إذا جُرْتُ" فهو ممَّا اتفق فيه فَعَل وأَفْعَل، وإنما فَكَّه على أحدِ الجائزَيْن كقولِه: "مَنْ يَرْتَدِدْ" وقد تقدَّم تحقيقُه. وقرأ الحسن وأبو رجاء وابنُ أبي عبلة "تَشْطُط" بفتح التاءِ وضَمِّ الطاءِ مِنْ شَطَّ بمعنى أشَطَّ كما تقدَّم. وقرأ قتادة "تُشِطَّ" مِنْ أشطَّ رباعياً، إلاَّ أنه أدغم وهو أحد الجائزَيْن كقراءة مَنْ قرأ ﴿مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ﴾، وعنه أيضاً "تُشَطِّطْ" بفتح الشين وكسرِ الطاءِ مُشَدَّدةً شَطَّطَ يُشَطِّطُ. والتثقيلُ فيه للتكثيرِ. وقرأ زر بن حبيش "تُشاطِطْ" من المفاعلة.
* ﴿ إِنَّ هَذَآ أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِي نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ ﴾
قوله: ﴿تِسْعٌ وَتِسْعُونَ﴾: العامَّةُ على كسر التاءِ، وهي اللغةُ الفاشيةُ. وزيد بن علي والحسن بفتحها فيهما، وهي لُغَيَّةٌ. وقرأ العامَّةُ "نَعْجة" بفتح النون، والحسن وابن هرمز بكسرها. قيل: وهي لغةٌ لبعضِ بني تميمٍ. وكَثُرَ في كلامِهم الكنايةُ بها عن المرأةِ قال ابنُ عَوْنٍ:
٣٨٥٨- أنا أبُوْهُنَّ ثلاثٌ هُنَّهْ
رابِعَةٌ في البيتِ صُغْراهُنَّهْ
ونَعْجتي خَمْساً تُوَفِّيْهِنَّهْ
وقال آخر:
(١٢/٢٤٨)
---


الصفحة التالية
Icon