قوله: ﴿إِذْ عُرِضَ﴾: في ناصبه أوجهٌ، أحدها: نِعْم، وهو أضعَفُها لأنه لا يَتَقَيَّدُ مَدْحُه بوقتٍ، ولعدمِ تَصَرُّفِ نِعْمَ. والثاني: "أوَّاب" وفيه تقييدُ وَصْفِه بذلك بهذا الوقت. والثالث: اذكرْ مقدراً وهو أَسْلَمُها و"الصَّافِناتُ" جمعُ صافنٍ. وفيه خلافٌ بين أهلِ اللغةِ. فقال الزجَّاجُ: هو الذي يقفُ على إحدى يدَيْه ويَقِفُ على طَرَفِ سُنْبُكه، وقد يفعل ذلك بإحدى رجلَيْه. قال: "وهي علامةُ الفَراهةِ فيه، وأنشد:
٣٨٦٧- أَلِفَ الصُّفُوْنَ فما يَزال كأنَّه * مِمَّا يقومُ على الثلاثِ كَسِيْرا
وقيل: هو الذي يَجْمَعُ يديه ويُسَوِّيهما. وأمَّا الذي يقفُ على سُنْبُكِه فاسمُه المُخِيْم قاله أبو عبيد. وقيل: هو القائمُ مطلقاً، أي: سواءً كان من الخيل أم مِنْ غيرها قاله القُتبيُّ، واستدلَّ بالحديث وهو قوله عليه السلام: "مَنْ سَرَّه أَنْ يقومَ الناسُ له صُفُوناً فَلْيتبوَّأْ مقعدَه من النار" أي: يُديمون له القيام. وحكاه قطرب أيضاً. وقيل: هو القيامُ مطلقاً سواءً وقفتَ على طَرَف سُنْبك أم لا. قال الفراء: "على هذا رأيْتُ أشعارَ العرب". انتهى وقال النابغة:/
٣٨٦٨- لنا قُبَّةٌ مَضْروبة بفِنائها * عِتاقُ المَهارى والجياد الصَّوافِنُ
والجِيادُ: إمَّا من الجَوْدَةِ يقال: جاد الفَرَسُ يجودُ جَوْدة وجُوْدة بالفتح والضم فهو جَوادٌ للذكر والأنثى، والجمع: جِيادٌ وأَجْواد وأجاويد وقيل: جمع لـ جَوْد بالفتح كثَوْب وثِياب. وقيل: جمع جَيِّد. وإما من الجِيْد وهو العُنُق والمعنى: طويلة الأجياد، وهو دالٌّ على فَراهتِها.
* ﴿ فَقَالَ إِنِّيا أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ ﴾
(١٢/٢٥٤)
---


الصفحة التالية
Icon